روايه حزينه الفصول من السادس عشر ل العشرون بقلم الكاتبة الجليله

موقع أيام نيوز

طفلتهم رضيعة عندها سنتين إلا شهر ولا حاجة .. والد الطفلة جه بنفسه هنا وطلب مربية بمواصفات قياسية وانا ملقيتش عندي مربية أفضل منك خصوصا ان ليكي كاريزما خاصة مع الأطفال الصغيرين !
_ كانت مفاجأة بالنسبة إليها فقد كانت ترغب ببضع أيام كأجازة لها لتجدد نشاطها وتعتاد غياب الصغير مصطفى قبل استلام العمل لدى أسرة جديدة ..
ولكن من الواضح ان تلك الفرصة لن تسنح لها فبادرتها المديرة عقب استشعارها بما تخبئه داخل صدرها ولا تنطق به 
عارفة انك كنتي محتاجة اجازة خصوصا بعد ما سيبتي مصطفي لأنك كنتي متعلقة بيه بس دي فرصة بالنسبالك والراجل اللي هتشتغلي عنده شكله جنتل خالص عشان كده اعتبرتها فرصة ليكي !
ابتسمت لها إيثار وهي تومئ رأسها إيجابا ثم ردت بتنهيدة شبه منهكة 
ماشي حضرتك هروح أمتى 
_ بحثت المديرة بإحدى الأوراق الصغيرة عن تلك الورقة المدون بها للعنوان والتفاصيل للوصول إلى المكان المنشود حتى وجدتها ومدت يدها بها وهي تقول 
ده العنوان والتليفونات لو معرفتيش توصلي وعلى فكرة في الحسابات ظرف بأسمك فيه مبلغ مالي هدية من أسرة مصطفي لجهودك مع الولد.. مدام رانيا بلغتني انك رفضتي تاخدي اي حاجة عشان كده فضلت تسيبهولك هنا !
_ بدى على وجهها الإمتنان والسعادة ليس للمبلغ المالي ولكن لتقدير المحيطين حولها لها .. فقد كانت في حاجة ماسة إلى هذا الدعم المعنوي إلى تقدير ذاتها ومدح عملها .. وها هي قد ظفرت بها بعد مجهود مضني وإخلاص متفاني ..
هزت رأسها ثم نطقت برقة 
شكرا.. عن أذنك.
...........................................
تأنقت إيثار في ثيابها الجديدة ثم نظرت لحالها بإعجاب في المرآة ثم ضبطت وضعية حجابها الأزرق الذي تماشى مع كنزتها الفيروزية وبنطالها الأبيض .. وأكملت تنسيق ثوبها عن طريق وضع عقدا متعدد الألوان حول عنقها وأعلى حجابها ثم انطلقت للخارج وتعجلت بخطواتها للذهاب إلى مكان العمل الجديد
.. كان الطريق مزدحما گعادته فأضطرت لإستجار سيارة للأجرة حتى تستطيع الوصول مبكرا ...
_ كان المكان عبارة عن فيلا صغيرة في منطقة سكنية حديثة يبدو على هيئتها الخارجية البساطة والرقي وعدم التكليف .. 
ظهر الإعجاب واضحا على تعابير وجهها ..
عبرت البوابة والتي كانت خالية من أي حراسة بخطوات ثابتة ومنها سارت عبر الممر الحجري المزدان على جانبيه بالمزروعات الصغيرة والورود المتفتحة ذات الألوان المبهجة ...
استنشقت عبير الأزهار وهي تبتسم متفائلة بالخير في هذا المكان منذ أن وطأت أعتابه بقدميها طرقت الباب بتوتر قليل وانتظرت أمامه وهي تحاول الحفاظ على هدوء ابتسامتها ..
وما هي إلا لحظات حتى انفتح لها لتظهر الخادمة من وراءه وهي تحمل الطفلة الرضيعة ..
استقبلتها إيثار بإبتسامة ودودة ولاحظت على مرأى العيان فشل الخادمة في التعامل مع الصغيرة ..
تساءلت الخادمة راوية بنفاذ صبر وهي ترمقها بنظرات سريعة خاطفة لكنها متأملة لهيئتها العامة 
خير حضرتك عايزة مين
ردت عليها إيثار برقةوهي تنظر للطفلة الباكية بشفقة انا المربية الجديدة جاية عشان... آآ
تنفست راوية الصعداء وكأنها وجدت السبيل لنجاتها من بكاء الصغيرة  
هو انتي!! اتفضلي اتفضلي 
_ ولجت إيثار للداخل فتفاجئت بها تضع الرضيعة بين يديها وهي تقول بصوت خفيض يملئه اليأس 
خدي اتعاملي معاها احسن انا من ساعة ما جيت امبارح مش عارفه اسكتها خالص !
تناولت إيثار الصغيرة بين ذراعيها بحنان أموي جلي .. ومسحت على ظهرها برفق حتى تستكين وتكف عن البكاء ..
ثم تأملت ملامحها الجميلة بدقة ..
كانت الصغيرة آية من إبداع الخالق .. فهي تملك ملامح آسرة بالإضافة إلى شعرها الأشقر وعيناها الزرقاوتين وبجانبهم بياض بشرتها ونعومتها ..
مسدت إيثار على رأسها بحنو فشعرت وكأنها قطعة منها.. گأبنتها أو ماشابه ذلك لا تعلم ماهية هذا الشعور ولكنها شعرت بالسعادة لوجود هذا الكائن الملائكي بين يديها وفي أحضانها ..
توجهت للداخل بخطوات بطيئة وهي تهدهدها وممررة أصابعها على خدي الصغيرة وجبهتها ..
استجابت الصغيرة لحركاتها المداعبة وبدأت في السكون والنظر لها بأعين متفحصة دارسة .. 
وبحركة طفولية بريئة مدت أناملها الناعمة الصغيرة ولمست وجنتي إيثار . 
_ خلق بينهما الانسجام منذ المقابلة الأولى ومنذ تعارفهما الأول .. 
جلست إيثار على طرف المقعد ثم أسندتها على ذراعها وهي تداعبها بالذراع الأخرى حتى أنها تناست البحث عن أصحاب المنزل والتعرف عليهم .. فتلك الصغيرة أسرتها في عالمها الطفولي البريء وأعادت الضحكة إليها ..
_ وإذ بها فجأة تنتفض من مكانها ووقع قلبها في موضع قدميها..
تصارعت أنفاسها وتسارعت داخلها مشاعر متناقضة عندما استمعت لهذا الصوت المألوف ولتلك النبرة التي تحفظها وتتردد على مسامعها كل يوم .. 
ارتجف قلبها بشدة واضطرب عقلها وتلاحقت الذكريات كأنها تيار جارف ..
تساءلت بعدم تصديق هل ما سمعته هو الكذب أم أنها تتوهم !! 
_ جابت المكان بناظريها المتفحصتين الباحثتين لتجد صاحب الصوت ولكنها لم تجده .. كان الصوت يقترب منها فتزداد نبضاتها تلاحقا حتى رأته يهبط درجات السلم موليها ظهره وهو يتحدث بهاتفه بهدوء
تم نسخ الرابط