روايه حزينه الفصول من السادس ل العاشر بقلم الكاتبة الجليله
المحتويات
بينما أكمل رحيم بصوت يخلو من الحياة
معنديش بنات للجواز
ثم ربت على كتف ابنه وتابع بحدة
يالا يابني خلينا نشوف أمك ونطمن عليها
تسمر مالك في مكانه وهو يتابع بعينيه الدامعتين انصراف عائلة إيثار ..
ربما يكون قد تسرع في عرض طلبه فقوبل بالرفض القاطع لأن الظروف غير مهيئة .. ولكنها كانت محاولة يائسة منه للدفاع عن حبه العذري لها .. لقد أساء التصرف ومع هذا أراد أن يحمي تلك النبتة الطيبة التي غرست في أرض حبهما ..
خفق قلبه برهبة كبيرة وهو يظن الأسوأ قد حل بها ..
فغمغم مع نفسه پخوف بائن في نظراته ونبرته
إيثار لازم اطمن عليها واعرف اللي حصلها !
ركض مالك ناحية مدخل المشفى ليعود إلى المنزل ليطمئن على حبيبته قبل عودة أهلها ...
تحسست إيثار موضع الآلم الذي ترك ورما واضحا أسفل عينها وتلك الزرقة البارزة في شفتيها ..
تأوهت بأنين خاڤت وهي ترثي حالها ..
بكت حزنا على والدتها التي حاولت أن تفديها وتذود عنها من بطش أخيها وأبيها ..
إنتحبت وهي تحدث نفسها
ليه كل ده أنا .. أنا معملتش حاجة غلط ليه الافترى والكدب عليا ! ليه
يا ترى انتي عاملة ايه يا ماما قلبي هايموت عليكي
رفعت بصرها للسماء وهمست برجاء
يا رب اشفيها وخفف عنها وهون عليها تعبها !
إستمعت هي إلى صوت دقات خاڤتة على باب منزلها فركضت خارج غرفتها لترى من الطارق ..
إشرأبت بعنقها لتنظر من العين السحرية الموجودة بالباب فرأته أمامها ..
إنه ذلك الحبيب الذي أوقعته الصدف في طريقها ..
كافحت لتكتم شهقاتها وانهمرت العبرات بغزارة لټغرق صدغيها ..
شعر مالك بإنتحابها المكتوم .. فأسند كفيه على الباب وهمس لها بصوت مخټنق
أنا عارف إنك جوا وسمعاني
تنهدت بحړقة وهي تقاوم بشراسة خروج صرخاتها من صدرها المكلوم ..
إيثار طمنيني عليكي حد عملك حاجة اخويكي مد ايده عليكي
استشعر إختناقة صدرها فهتف بتوسل شديد
إيثار أنا حاسس بيكي .. إيثار ردي عليا أنا ... أنا لو ماسمعتش صوتك مش هامشي من هنا !
خشيت هي أن يصر على بقائه وتتعقد الأمور أكثر فأجابته بصوت منتحب
استعطفها قائلا بإصرار
طب خليني أشوفك لو لثانية بس
ردت عليه بنشيج وهي تزيح عبراتها
امشي يا مالك من فضلك امشي قبل ما حد يجي ويشوفك
سألها بتلهف وهو يتنهد مطولا
انتي كويسة طيب
أجابته بإيجاز
ايوه
سألها بفضول أكبر وهو يحاول طمأنة نفسه
طب .. طب عمرو عملك حاجة أبوكي ضړبك ريحيني
انفطر قلبها أسفا وتحسست أثار الإعتداء على وجهها وردت عليه بنبرة زائفة
لأ .. امشي بقى مش عاوزة مشاكل الله يخليك
كور مالك قبضة يده وهتف بصوت شبه جاد
ماشي أنا هامشي الوقتي بس راجع تاني يا إيثار ! ومش هاسيبك لوحدك أنا طلبتك للجواز وهاصر على ده اطمني يا حبيبتي أنا هافضل جمبك
وكأن كلماته كانت المسكن لأوجاعها .. فإبتسمت رغما عنها وسط تلك الأنهر المسالة من الدمعات الحارة .. وهمست لنفسها برجاء
يا رب نكون لبعض !
.......................................
عاد مالك إلى منزله ودلف إلى غرفته دون أن ينطق بكلمة وأمسك بآلة الكمان وبدأ في العزف على أوتارها بلحن شجي حتى تصل نغماته إلى قلب حبيبته لتعرف أنه إلى جوارها في أشد أزماتها ..
أشفقت ميسرة على حاله واعتقدت أنه تشاجر مع إيثار ولم ترغب في مقاطعة عزلته .. فعادت إلى المطبخ لتغسل الصحون الفارغة ..
وقفت روان إلى جوارها وأمسكت بمنشفة جافة لتجفف الصحون المبتلة وتسائلت بفضول
هو مالك ماله أخد جمب ليه
ردت عليها بتنهيدة منهكة
سيبه على راحته
سألتها بلؤم وهي محدقة بها
طب هو الاسعاف كان بيعمل ايه هنا
ردت عليها بصوت متعب
مش قولتلك طنطك تحية تعبت وراحت المستشفى
أضافت قائلة بفضول أكبر
بس أنا سمعت طراطيش كلام آآ..
قاطعتها ميسرة بصوت حاد وهي تجذب المنشفة من يدها
روان مالناش دعوة بأي حاجة تتقال خليكي في مذاكرتك وسيبي دول من ايدك
زفرت على عجالة وهي تردد بإمتعاض
ماشي يا عمتو !
......................................
مرت عدة أيام ظلت فيها إيثار حبيسة المنزل ومنقطعة عن الدراسة رغما عنها .. فقد منعها أخيها من الخروج وامتثلت مضطرة إلى أوامره .. كما تعمد أن يوصد الشرفة فحرمت من التمتع بلحظات معدودة من رؤية من خفق لأجله قلبها .. ولكنها لم تحرم من الإستمتاع بموسيقاه الحزينة التي عزفت على أوتار قلبها لتؤكد لها أنه مازال معها وإن كان يفصل بينهما عشرات الجدران ..
فقط ذكرى تلك الزهرة وما قبلها من لحظات غالية هي أثمن ما بقي معها .. وامتزجت بشوق مع ألحانه
متابعة القراءة