روايه حزينه الفصول من الواحد وعشرون ل السادس وعشرون بقلم الكاتبة الجليله
المحتويات
الفصل الحادي والعشرون
ترقب مالك وصول إيثار إلى فيلته بفارغ الصبر بعد أن قضى ليلته يكافح للنوم ..
لم يذهب إلى عمله اليوم وتعمد التأنق بصورة زائدة عن المعتاد ليوضح لها مدى ثرائه ..
جلست صغيرته أسفل قدميه تلعب بألعابها المنوعة و الجميلة ببراءة جلية ..
حدق هو بها بنظرات مطولة دارسة لتفاصيل وجهها بدقة متأملا ضحكتها وعفويتها الساحرة ..
بالفعل هي تشبه والدتها كثيرا هي نسخة مصغرة منها .. تمتلك عيناها الزرقاوتين وبشرتها البيضاء الناعمة وشعرها الأشقر الذهبي..
شرد في ذكريات بعيدة جمعتهما سوا...
في لقاءات مميزة مع زوجته لانا ..
في حب قدمته له دون انتظار مقابل منه ..
في دعمها له في أصعب أوقاته ..
في دعمه والوقوف في ظهره حتى يقف على قدميه ..
قطع شروده الحزين صوت الخادمة راوية وهي تقول بهدوء
مدام إيثار موجودة برا
تصلبت تعابير وجهه .. وقست نظراته وتحولت للجدية بعد أن كانت شبه دامعة .
أخذ نفسا عميقا وانتصب بكتفيه ثم استطرد حديثه بصوت صارم
خليها تدخل
أومأت راوية برأسها وهي تقول بصوت خفيض
في نفس التوقيت كانت إيثار تحاول الحفاظ على هدوئها وثباتها .. فهي مقبلة على أخطر تحدياتها ..
التفتت حولها بنظرات متوترة .. وتمسكت بحقيبتها بقوة وكأنها تحتمي بها ..
ضغطت على شفتيها بإرتباك وحاولت ضبطت أنفاسها المتلاحقة فوجودها هنا يثير أعصابها ويرهق قلبها بشدة ..
كانت دقات قلبها متسارعة بدرجة كادت تصم أذنيها ..
اقتربت منها الخادمة ولاحظت حالتها المرتبكة فإنتابها الفضول لمعرفة سبب اضطرابها والتوتر المشحون بينها وبين رب عملها ..
فكلا منهما تتبدل أحواله بدرجة مزعجة فور رؤيتهما لبعضهما البعض..
تنحنحت راوية بصوت خاڤت لتنتبه لها إيثار وأردفت قائلة بابتسامة ناعمة
اتفضلي يا مدام ايثار مالك باشا في انتظار حضرتك في مكتبه
استجمعت شجاعتها وحافظت على رباطة جأشها وخطت بثبات ناحية غرفته ..
استعد هو لمقابلتها بثبات عجيب أرعبها نوعا ما حينما رأته بطلته المٹيرة للإعجاب ..
ازدردت ريقها ورسمت إبتسامة ودودة مصطنعة على ثغرها وهمست بصوت خرج متحشرجا رغم وضوحه
السلام عليكم !
قالها مالك بصوت آجش متعمدا الضغط على حروف كل كلمة منها
تحركت بخطوات متعثرة للداخل وتحاشت النظر إليه وفضلت التركيز على الصغيرة والتي ما إن رأتها حتى نهضت من مكانها وركضت نحوها وهي تهتف بتلهف بنبرة غير واضحة
م..ما ... ما.. ماما ...ممم..
فهمتها إيثار على الفور رغم تقطعها فهزت كيانها بالكامل ولا إراديا فتحت ذراعيها لتستقبلها فإرتمت الصغيرة في أحضانها ثم ضمتها إلى صدرها ورفعتها عن اﻷرضية ..
تابع مالك المشهد بإستغراب ومع ذلك حافظ على جمود تعابير وجهه ..
مسحت إيثار برفق على ظهر الصغيرة وظلت تهدهدها بحركات خفيفة ..
نهض مالك فجأة عن مقعده فجفلت إيثار من حركته المباغتة .. وجاهدت لتبدو طبيعية أمامه ..
تحرك ببطء نحوها وهو يقول بصرامة
من النهاردة إنتي ملزمة تتابعي بنتي مسئولة عن كل حاجة تخصها !
وقف في مقابلتها وطالعها بنظرات قوية أربكتها وهو يكمل مهددا
أي شكوى أي تقصير هيبقى في حساب عسير !!
ابتلعت إيثار ريقها بصعوبة وردت عليه بصوت خاڤت وهي تتحاشى النظر إليه
حاضر .. يا .. يا مالك بيه
أرادت هي أن تشير بوضوح إلى الفارق بينهما حتى لا تترك لنفسها المجال للتفكير فيه بصورة أخرى .. هو أرادها مربية لابنته وهي ستلبي رغبته .. وستلتزم بكل ما يخص عملها ..
ما أثار فضولها حقا وشغل تفكيرها طوال ليلة الأمس هو رغبتها في رؤية زوجته .. تلك التي شاركته حياته وانجب منها هذه القطعة الملائكية ...
لم تشعر هي باقتراب مالك منها بدرجة خطېرة ارتجف جسدها حينما رأته يميل برأسه نحوها جحظت بعينيها مصډومة وشهقت بصوت مكتوم وتوردت وجنتيها بحمرة ملتهبة .. لكنها تفاجئت به ينحني ليقبل ابنته من رأسها ..
تقلصت المسافات بينهما وشعر هو بحرارة أنفاسها المنبعثة منها دون وعي .. فأغمض عينيه مقاوما تأثيرها ..
وبلا قصد لمس كف يدها وهو يمسح على ظهر صغيرته فشعرت هي بإرتعاشة رهيبة تسري في جسدها ..
كذلك لم يختلف شعوره عنها فقد أثرت لمسته الغير متعمدة فيه وخفق قلبه بصورة مزعجة ..
زاد من جمود تعابيره وتراجع للخلف وتابع بصوت غليظ
لو في حاجة حصلت خلي راوية تكلمني سامعة
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفة .. وتمسكت بالصغيرة بقوة ..
تحرك مبتعدا ليخرج من دائرة سحرها الذي مازال يؤثر فيه إلى الآن ..
عاتب نفسه بقسۏة لإنهياره الوشيك من قربها المهلك وتممت مع نفسه بخواطره الشعرية ..
ألا تتركيني لحالي قاتلتي
ففي قربك احتراقي وفي إبتعادك عني هلاكي
...............................
عادت سارة من عملها وهي تطلق سباب متواصل ولاذع لاعنة فيه كل شيء فها هو يوم أخر يمر عليها وهي تهان ويساء إليها خلال
متابعة القراءة