روايه حزينه الفصول من الواحد وعشرون ل السادس وعشرون بقلم الكاتبة الجليله

موقع أيام نيوز

يا بني ربنا يلطف بعباده !
تنحنح مالك بصوت خاڤت ثم أردف قائلا بجدية 
طيب هستأذن أنا بقى يدوب ألحق أروح!
وقفت ميسرة إلى جواره ومسحت بنعومة على ظهر الصغيرة النائمة ثم ردت عليه مقترحة 
طب ما تبات النهاردة هنا !
أجابها معترضا بهدوء 
لأ مش هاينفع
عاتبته عمته قائلة بضيق 
يا بني كفاية شحططة وپهدلة لليتيمة اللي معاك دي !
رد عليها بإبتسامة باهتة 
اطمني يا عمتي أنا جايبلها واحدة كويسة واخدة بالها منها !
تساءلت بعدم اقتناع وهي تحدق فيها بنظرات مطولة 
هي فين يا بني مش بتجيبها معاك ليه 
ارتبك مالك من سؤالها المباغت .. فلا أحد يعلم بكون إيثار تعمل لديه كمربية لطفلته وهو لم يرغب في إبلاغهم بهذا الأمر حاليا لذا حافظ على هدوئه وعلى تعابير وجهه الجامدة وأجابها بنبرة شبه ثابتة 
عندها ظروف عائلية اليومين دول !
ردت عليه روان مستنكرة غيابها 
من أولها كده طب ما تشوف واحدة تانية ملتزمة !!
الټفت برأسه نحوها وهتف مدافعا 
هي ممتازة على فكرة بس ده ظرف طاريء اللي حصلها !
أضافت روان قائلة بتحمس 
على فكرة أنا أعرف حد آآ...
قاطعها مالك بصرامة وقد احتدت نظراته 
روان خلاص أنا مش عاوز كلام في الموضوع ده أنا أدرى بالمناسب لبنتي !
حركت كتفيها بلا مبالاة وهتفت بإمتعاض 
براحتك أنا كنت عاوز أخدم
ابتسم لها مجاملا وهو يقول 
متشكر يا ستي يالا تصبحوا على خير !
ردت عليه ميسرة بنبرة أمومية حانية 
تلاقي الخير يا حبيبي
بينما أضاف إبراهيم بصوت هاديء 
وانت من أهله يا بني
وهتفت روان بإبتسامة رقيقة 
باي يا مالوك !
ودعهم مالك ثم انصرف عائدا بصغيرته إلى فيلته وعقله لم يتوقف لحظة عن التفكير في إيثار .. معذبته !
....................................
مر أسبوع على ۏفاة رحيم وبدأت إيثار في استعادة حياتها من جديد فلن يقف الزمن برحيل أحدهم بل سيستمر في حركته ..
دعمتها مديرة مكتب الرعاية وكذلك زميلاتها في العمل في ظروفها الحزينة .. واقترحت أن تحل محلها مربية أخرى لرعاية الصغيرة ريفان حتى تستعد نفسيا للقدام لكنها تفاجئت برغبتها في العودة لعملها والتي لم تختلف كثيرا عن دهشتها في عدم قبول مالك ببديلة عن إيثار طوال الأيام الماضية .. بل على العكس أصر هو على حصول إيثار على راتبها كاملا دون أن يختصم منه جنيها واحدا فشكرته المديرة ممتنة لذوقه ورقي أخلاقه ..
وبخطوات ثابتة تحركت إيثار نحو الحديقة الواسعة في ميعاد نوبة عملها المعتاد ..
كان وجهها ذابلا حد الشحوب و عيناها دامعتان لا تتوقفان عن البكاء إلا حينما تجف عبراتها فتنتحب بلا دموع ..
كما نحف جسدها نوعا ما بسبب قلة تناولها للطعام هي لم تكن تأكل سوى لقيمات معدودة تجعلها تصمد فقط لكنها لم تكن كافية لتمدها بالقوة التي تحتاجها ...
رأتها راوية وهي تلمع زجاج البهو فتهللت أساريرها وهتفت بحماس وهي تتجه لباب الفيلا لتفتحه 
إيثار !
ابتسمت لها إبتسامة باهتة وهي تهز رأسها بإيماءة خفيفة ..
احتضنتها راوية بقوة وقبلتها من وجنتيها ثم أخفضت رأسها لتعزيها بحرج 
البقاء لله يا إيثار أنا أسفة والله معرفتش اجيلك بس زعلت أوي لما عرفت
ردت عليها إيثار بفتور 
الدوام لله وحده ولا يهمك أنا مقدرة !
هتفت راوية بتحمس وهي تحسبها من كف يدها 
تعالي ده ريفان هتفرح أوي لما تشوفك
تساءلت إيثار بهدوء 
هي صاحية 
ردت عليها راوية بتردد وهي تعقد ما بين حاجبيها 
مش عارفة بس تعالي نشوفها سوا !
تعجبت هي من ردها الغامض ومع ذلك تحركت بإنصياع معها ..
سمعت وهي تصعد على الدرج صوت ضحكاتها البريئة وهي ترن بين الجدران فابتسمت عفويا ..
تلك الصغيرة دوما تؤثر فيها إيجابا ..
تحركت نحو غرفتها بهدوء ولكن تباطئت خطواتها نسبيا وهي تسمع صوت مالك الضاحك ينبعث من الداخل ..
اعتصر قلبها آلما ودار في خلدها ذكرى ضحكه مع زوجته وتساءلت مع نفسها بحزن هل كل يحبها هل كانا يضحكان معا كما هو الحال الآن مع ثمرة حبهما هل شعر يوما بها وبمعاناتها أم أنها كانت مجرد صفحة طواها من حياته السابقة ولم يبقى منها إلا ذكريات موجعة  
نعم ذكريات جمعتها مع محسن وما ذاقته على يديه من تعذيب نفسي قبل الجسدي من خسارة لروحها وإرهاق لفؤادها .. من خصام لأحب الأشخاص إلى قلبها ..
تنهدت بيأس وهي ترمقه بنظراتها الملتاعة ..
هي تحن كثيرا إليه تشتاق لتلك الفترة في حياتها .. والتي أصبحت بالنسبة لها منذ زمن بعيد ..
لم تشعر بنفسها وهي تقف على عتبة الغرفة في حالة شاردة و محدقة بهما بنظرات واجمة مليئة بالحزن والإنكسار ..
استشعر مالك وجودها بقلبه قبل أن تراها عيناه فالټفت برأسه للخلف ليجدها واقفة أمامه ..
ابتسم عفويا لرؤيتها ولكن أزعجه حالتها تلك ..
اقترب منها بحذر وهو يهدهد صغيرته التي صاحت بتحمس وسعادة بكلمات مبهمة حينما رأتها ..
استطرد مالك حديثه متساءلا بإيجاز ليجذب انتباهها بعد أن لاحظ حالتها
تم نسخ الرابط