روايه حزينه الفصول من السابع وعشرون ل الثاني والثلاثون بقلم الكاتبة الجليله
المحتويات
فبدى كأنه ينفث ألهبة حاړقة من فمه ..
التفتت إيثار نحوه برأسها وحدقت فيه بنظرات متأملة بدقة لملامحه الحزينة ..
تلك التعابير التي لم تراها مسبقا بوضوح ..
وتساءلت بلهفة بين جنبات نفسها عما مر به هل كان مثلها يعاني هل أضناه قلبه وټعذب بلهيب الفراق
تساؤلات صامتة أشعلت روحها تلهفا لمعرفة ما حدث معه .. لكنها لم تجرؤ على السؤال ..
تنهد مجددا بعمق مرير ثم استطرد حديثه قائلا بصوت رخيم بعد أن أغمض عيناه ليستسلم لذكرياته
كنت في دنيا تانية عايش على أحزاني و..آآ..
......................................
قبل ثلاث سنوات
فتح مالك عينيه على أصوات التشجيعات والتصفيقات العالية بعد أن أنهى عزف تلك المقطوعة الشجية ..
تحركت عيناه على أوجه الحاضرين فوقعت كلتاهما عليها ورأها وهي تنظر له ببريق غريب ..
ابتسم مجاملا .. واستدار بظهره ليعيد وضع آلة الكمان في مكانها ..
دنت منه وهي تنظر له بحماس ثم أثنت عليه برقة بلغتها التركية
أنت تعزف ببراعة !
لم يفهم ما قالته ولكنه استشف من طريقتها أنها معجبة بعزفه .. فابتسم لها بتهذيب وحرك رأسه بإهتزازة خفيفة ..
أنت رائع !
أجابها بإبتسامة هادئة بنفس اللغة
أشكرك
ثم تركها وانصرف .. فظلت أنظارها معلقة به .. هي رأته من قبل .. ولكنها لا تتذكر أين ..
لكن هناك شيء ما به يجذبها بشدة إليه .. شيء جعل قلبها يدق بقوة في حضوره ..
بدت مألوفة نوعا ما هو واثق أنه التقى بها ذلك الوجه الملائكي ذو الأعين الزرقاء والخصلات الذهبية ..
من فضلك انتظر !
نظر له مالك بإستغراب وقطب جبينه نوعا ما وهز رأسه في عدم فهم ..
تابع الرجل قائلا بإهتمام
سيدي نحن نقدر المواهب ونأمل أن نتناقش سويا في مسألة عملك هنا !
رد عليه مالك بعد أن استصعب فهم ما يقوله وهو يشير بيده
لمحه رفيقه نادر وهو يتحدث إلى أحد الغرباء فأسرع نحوه وتساءل بقلق
في حاجة حصلت يا مالك
أجابه مالك وهو يحرك كتفيه في حيرة
هو موقفني عشان يكلمني وأنا مش فاهم منه حاجة !!
تساءل نادر بجدية وهو يوجه حديثه للرجل باللغة التركية
أجابه الرجل بجدية
أنا من إدارة المكان وأريد أن أعرض على السيد العمل معنا فقد استمعت إلى عزفه وهو حقا يعزف ببراعة !
ارتفع حاجبي نادر في إعجاب وهتف غير مصدق
حقا ... أنا لا أصدق ما تقوله !
لاحظ مالك تبدل تعبيرات وجه رفيقه من الجدية للسعادة فتساءل بنزق
هو بيقول ايه
أجابه نادر بإبتسامة عريضة
ده بيعرض عليك تشتغل هنا
عقد مالك ما بين حاجبيه في تعجب كبير وردد بذهول
اشتغل !
أكمل الرجل حديثه الجدي قائلا
أخبره أننا سندفع ما يريد من اموال تقديرا لموهبته
غمز له نادر وهو يترجم ما قاله الرجل بمزاح
ابسط يا عم هتسترزق
هز مالك رأسه بحيرة وهتف بنفاذ صبر
انا مش فاهم حاجة
أجابه نادر بهدوء واثق
هافهمك
وبالفعل أخبره رفيقه برغبة مدير المطعم في تشغيله ضمن الفرقة الموسيقية التي تعزف هناك وسيتقاضى مبلغا ماديا معقولا عقب كل حفلة ..
عاد هو إلى المنزل وهو يفكر مليا في ذلك العرض السخي بالعمل
هو بحاجة ماسة إلى أموال لينفقها على نفسه طوال فترة تواجده بتركيا فلا يوجد مصدر دخل ثابت له حاليا إلا وظيفته في الشركة وهو يريد أن يكون بحوزته سيولة مادية ..
لذلك قبل بالعمل مضطرا رغم اعتزاله للعزف بسببها ..
نعم فهي تذكره بحبه الجارف لها .. ..
لكنه مرغم على الحنث بوعده اﻵن .. ليس من أجلها ولكن من أجل نفسه ..
تنهد بآسى واتجه إلى حقيبته ليخرج تلك الصورة المطوية التي اكتشف وجودها مصادفة حدق فيها مطولا ثم حدثها بنبرة مريرة
مش هاضيع نفسي عشانك هنساكي وهاكمل حياتي ! إنتي كنتي فترة وانتهيتي !
............................
اتفق بعدها مالك مع مدير المطعم على الحضور في العطلة اﻹسبوعية للعزف .. أما في باقي أيام الأسبوع والخاصة بعمله في الشركة كان يبذل قصاري جهده لتحقيق ذاته وإثبات كفاءته ..
وخلال تلك الفترة استطاع أن يستغل موهبته في عزف أعذب اﻷلحان وأكثرها شجنا وتأثيرا فأصبح له جمهوره الخاص ..
.....................................
عرفت لانا أنه هو منذ رأته صبيحة اليوم التالي في الشركة ..
لم يكن وهما كان متجسدا أمامها ....
طيفه لم يفارقها للحظة هو أسرها بهالته الحزينة شيء ما به يدفعها للبقاء إلى جواره ..
ألحانه كانت إنعكاسا لما به هي واثقة من هذا ..
لم تتوقف للحظة عن التفكير فيه أصبح هو شاغلها الأكبر ..
وبدأت في التحري عنه بدقة ..
عرفت نوع وظيفته ومهامه وبدأت توليه الإهتمام دون أن يدري بهذا ..
......................................
لاحظ مالك وجودها المتكرر في الطاولة اﻷمامية خلال
متابعة القراءة