رواية ميرا الفصول من اربعة عشر لستة عشر

موقع أيام نيوز


عليك علشان متعارضيش قراري ومتسبنيش ...أنا مقدرش اتخيل حياتي من غيرك...
ذلك آخر شيء قاله قبل أن يربت على خصلاتها ويغادر تاركها تفتح عيناها تنظر لأثره بعيون غائمة مټألمة و دون أن تأخذ لحظة تفكير واحدة نهضت من الفراش متوجهة للنافذة تتوارى خلف ستائرها كي تشيعه بنظرات أخيرة وهو يغادر ولكن لصډمتها وجدت الآخرى تنتظره بكامل بهائها أما هو كان يبتسم لها بإتساع وكأن تلك الصفراء هي مصدر سروره الوحيد وقبل أن يصعد إلى السيارة حانت منه نظرة خاطفة لنافذتها جعلتها تتراجع للخلف عدة خطوات و تتعالى وتيرة أنفاسها بشكل غريب وكأنها تعجز عن التقاط الهواء ثم ارتمت على أحد المقاعد كي تحفز ذاتها على الصمود ولا ټنهار ولكن كان الأمر مؤلم يفوق احتمالها فقد عصتها دمعاتها وتهدلت هاربة من سجن عينها كي تفضح هشاشتها ومع حالة الاڼهيار العارمة التي اصابتها هاتفت سعاد ابنة عمها وإن اتاها الرد غمغمت من بين شهقاتها المقهورة التي تدمي القلب

انا اخدت قراري خلاص وعايزاك تساعديني
أتاها رد سعاد المترقب من الطرف الأخر
بس قرارك صعب يا رهف ومينفعش ترجعي فيه ولا يكون في ندم بعديه
أجابتها بإصرار عجيب لم يكن من طباعها يوم بعدما تذكرت جملته الصادقة التي صدرت منه وهو يظنها غافية غافل كونه طمئنها دون أن يشعر وجعلها تقرر أن لا شيء سيردعها فحقا فاض بها وقد اتى اليوم لتثور حفاظا على بقايا كبريائها الذي دهسه تحت قدمه
عارفة عواقب قراري كويس ومش هرجع فيه...لتبتلع غصة مريرة بحلقها تكاد ټخنقها و تستأنف بنبرة مټألمة وبقلب مدمي يقطر دما
هو اللي اضطرني لكده انا
لازم ادفعه التمن يا سعاد وغالي اوي. 
مر أكثر من اسبوعين عليها وهي تشعر بتحسن كبير منذ أن توقفت عن تلك الحبوب اللعېنة التي كانت تسلبها إرادتها فرغم محاولاتها السابقة بالامتناع عنها إلا أنها كانت سابقا تفشل فشل ذريع ورغم علمها أن تناولها كان ناتج عن تعودها لا إدمانها ولكن كانت تتلاشى إرادتها و تستسلم لطنين رأسها وتظن أن بها خلاصها فسابقا لم يكن لديها هدف أو شيء يحفزها ويدعم عزيمتها ولكن الآن أصبحت هو يمثل كل ذلك لها بل أصبح محور تفكيرها ورغم انه متحفظ معها ولم يحيد عن منطقه ولا طباعه الثابتة إلا أنها تشعر بالاهتمام يغلف كل أفعاله وحقا أصبحت مأخوذة به و بكل شيء يصدر منه 
فها هي منذ أن صعدت للسيارة ولم تشيح بفيروزاتها عنه وكأنها تراه للمرة الأولى مما جعله يرتبك قليلا ويقول بثبات اثناء قيادته
مش ملاحظة انك متكلمتيش من ساعة مركبتي العربية
أجابته بتنهيدة حالمة
مش عايزة اتكلم وحاسة إني عايزة ابصلك وبس
مسد جبهته بسبابته وابهامه بإرتباك أصبح ملازم له الآونة الأخيرة بفضلها وبفضل تلميحاتها التي تأخذ مجرى آخر يخشاه ومازال عقله يستنكره فلم يعقب بل صب كافة تركيزه على الطريق ولكنها زادتها عليه حين همست ببسمة ناعمة
انا عايزة احكيلك على حاجة
تأهب لحديثها وحثها بعينه أن تسترسل لتبتسم بعيون لامعة وتخبره
انا مبسوطة إني سمعت كلامك وروحت للدكتور بصراحة ارتحت اوي بعد ما اتكلمت معاه وكمان اتبسطت أن بابي فضى نفسه مخصوص وجه معايا تعرف إن دي أول مرة أحسه قريب مني وخاېف عليا بجد.
أبتسم وأجابها بعفوية دون أن يحيد نظراته على الطريق
محدش في الدنيا هيحبك أكتر من ابوك وام...
ابتلع باقي حديثه ولعڼ تسرعه ولكنها تفهمت وهدرت بعدما انطفأت لمعة عيناها واندثرت بسمتها
مش شرط يا محمد أنا أمي محبتنيش
أغمض عينه بقوة يلعن غبائه ثم صف السيارة بجانب الطريق وقال بنبرة حانية مفعمة بالاهتمام
احنا قولنا ايه
مش هنبص ورانا تاني وهنفكر بس في اللي جاي واللي محبناش ولا اتمسك بينا دي مشكلته هو علشان احنا ناس جميلة وتتحب وهو حد مبيعرفش يميز وميستهلش حتى نفكر فيه ونحزن نفسنا
رغم أن حديثه متكرر بالنسبة لها ولكن صيغة الجمع الذي نطق بها جعلتها تشعر براحة و طمأنينة لا مثيل لها ليشرق وجهه من جديد وتفتر شفاهها عن بسمة هادئة ثم قالت بإقتناع
أنت عندك حق
رفقت قولها بسحبها لحقيبتها وأخراج هاتفها ثم أخذت تنقر على شاشته عدة مرات إلى أن توصلت لذلك الحساب الوهمي التي تتبع به أخبار تلك السيدة التي لا تستحق لقب والدتها وقبل أن تضغط على حذف الحساب شعر هو بترددها وتشوش نظراتها وحينها تفهم ماذا تنوى أن تفعل فما كان منه غير أن يربت على يدها ويشملها بنظرات محفزة تفيض بالاهتمام استقبلتها هي ببسمة هادئة ودون أي لحظة تفكير أخرى كانت تقوم بالنقر مجددا وتحذف ذلك الحساب من هاتفها وهي تنوى أن تستمع لنصيحته ولا تهتم بما مضى فربما هو محق وهي ليست بذلك السوء ومن الممكن أن تحظى بالحب ولكن السؤال هو هل سيمنحها قلبه أم فقط ستحظى بذلك الأهتمام تحت مسمى أخر لا يمت بتاتا لتلك المشاعر التي أصبحت تكنها له 
برافو عليك
 

تم نسخ الرابط