رواية ميرا الفصول من ستة وعشرون لواحد وثلاثون

موقع أيام نيوز


بشكل مرتب للغاية غير متكلف مفعم بذوق مميز اعجبها ابتداءا من لون الحوائط الهادئة التي تبعث الراحة للعين إلى فرشها البسيط للغاية واثاثها العصري الغير مبهرج.
حانت منها بسمة باهتة ساخرة من ذاتها قبل أي شيء أخر فماذا كانت تنتظر منه فهي بالنسبة له كالكتاب المفتوح الآن ولكن هو يحتفظ بكل شيء يخصه لذاته ويبخل أن يريح قلبها حتى بكلمة واحدة. 

لانوم ولا طعام ولا حتى راحة فذلك المنزل الذي كان يضج بالصخب الاسري وينعم بالدفء. الآن أصبح جدرانه قاسېة يلفحها الصقيع الذي يرجف الروح من وحشته وبرودته...وحتى نظافته السابقة ونظامه الذي كان لا يمدحه من قبل ولم يشغل باله حتى في أن يثني على مجهوداتها... الآن حقا عرف الفرق 
فكان يجلس على تلك الأريكة التي لطالما جاورته بها ويرمى رأسه على حجرها عندما يشعر بالضيق أو يشغله أمر ويصعب عليه حله فكانت هي تستقبله بربيع بسمتها المفعمة بالسلام و تتكفل بتمسيد جبهته وتمرر اناملها الحانية بين خصلاته إلى أن يهدأ ويستكين ضجيج رأسه ويشعر بعدها أنها منحته سلام العالم أجمع بين يديها ولكن الآن أين هي...فقد خسرها بفضل غبائه وسخطه الدائم فياليته أخضع كبريائه اللعېن وتنازل عن سخطه وتغاضى عن تحريض تلك ال منار له وعبر عن ندمه واشتياقه لها بطريقة أخرى تليق بفداحة أفعاله فلو كان اعترف بصدق حينها بتوابع خطيئته كان ربما يتشفعله عندها و لا يداهمه ذلك الشعور الممېت الذي يفتك به الآن.
هز رأسه يحاول أن ينفض ذلك الشعور عنه ثم جال ببنيتاه القاتمة محيط المكان بضيق شديد فهنا أطباق وبقايا طعام لم تنضب منذ عدة أيام وهنا ملابس متناثرة...وحتى الغبار يكسو الأرفف والأثاث وحتى المقتنيات بشكل يثير الاشمئزاز...أما في المطبخ الذي كان يضوي ضي بعهدها فهو الآن فوضوي للغاية يضج بالكثير من الأواني والأطباق المتسخة وتفوح منه رائحة منفرة تجعله يود أن يتقيأ من بشاعتها....
زفر حانقا وهو يلعن ذاته ربما للمرة الألف بعد المائة على غبائه و انسياقه خلف رغباته اللعېنة دون أن يحكم عقله فلولآ ظهور تلك المنار بحياته و إغوائها له بشتى الطرق ما كان وصل به الحال لهنا 
نعم الأن يحملها هي أعباء كل شيء ويتقمص دور الضحېة التي لطالما برع في تقمصه وكأنه أدرك كونه كان مغيب بفضلها ولكن بكل أسف أدرك تلك الحقيقة بعد فوات الآوان فقد خسر كل شيء...والسؤال هنا هل تستحق هل أحبها لتلك الدرجة التي تجعله يخسر زوجته ويشتت ابنائه ويفقد عمله وامواله من اجلها حقا لا يملك اجابة لسؤاله كل ما يملكه هو الضياع والتشتت والندم بعد تطليقها فهو في أبعد كوابيسه المفزعة لم يتخيل كونه يتهور و ينطق بتلك الكلمة التي تفك حصارها.
مرر يده بخصلاته الفحمية بإرهاق تام وهو يحاول نفض تلك الأفكار التي تقتله بالبطيء ثم قرر أن يأخذ حمام دافئ كي يساعده على النوم وبالفعل نزع قميصه البيتي وتوجه لخزانته كي يخرج منها منشفة ولكن لم يجد ولا واحدة فيبدو أن جميعهم متسخين ولم تقم بغسل أي منهم ليلعنها بسره ويفتح خزانتها لعله يجد واحدة ولكن وهو يعبث بين الأرفف وجد شريط من الحبوب يعلمها تمام المعرفة وكيف لا وهو من كان يجلبها بنفسه ل رهف ويصر عليها أن تواظب عليها بلا انقطاع ويفرض عليها عدم رغبته بالإنجاب مرة أخرى ولكن الآن قد انعكس الأمر وكأن الزمن يسخر منه ويرد له الصاع صاعين فقد اعتصره بين يده بأنفاس غاضبة وعيون زادت قتامتها وهو يتوعد لها بأشد الوعيد حين عودتها.
بينما هي كانت بعيدة كل البعد عن ما يشغله بل كانت تحيك لأمر آخر كي تعوض خسارتها وإهدارها للوقت مع ذلك الساخط اللعېن الذي اختزل احلامها و وئد رغد عيشها 
فقد مالت بجسدها على صيدها الجديد ثم همست بنبرة تقطر بالخبث أمام وجهه
قولت ايه يا حوسو
اعتلى جانب فم حسام وقال ببسمة متخابثة لا تقل شيء عن خبثها
لأ...
ضړبت الأرض بكعب حذائها وحاولت اقناعه من جديد
ليه ما كل حاجة في ايدك وتقدر تعمل كده بسهولة
أجابها بمكر وهو يوليها ظهره بكل برود
أنا مقولتش مقدرش... وللأسف طلعت غبية ولسه مفهمتنيش
طب فهمني عايز ايه واكيد هنتفق...
أجابها وهو يلتفت برأسه و يتفرس بكل إنش بها بطريقة وقحة اعجبتها وجعلتها تغتر بذاتها وبما تملكه من تأثير طاغي على معشرهم
عندي استعداد انفذ الاتفاق بس بشرط
تأهبت بنظراتها بينما هو قال وعينه يغزوها نظرة غامضة تجمع بين الرغبة وشيء أخر لم تتعرف عليه
عايزك تبقي ليا يا منار 
طرقات على باب الشقة جعلتها تهرول تفتح الباب دون تمهل وهي تعتقد أنها شهد ولكن خابت ظنونها عندما وجدته يقف أمامها بتلك الهالة الجدية للغاية لتتلعثم قائلة
حمود...
تلجم لسانه وهو يجول ببندقيتاه يطالع هيئتها المذهلة و يبتلع ريقه بصعوبة بالغة 
فكانت ترتدي منامة وردية اللون قصيرة للغاية ذات فتحة من الأمام دائرية
 

تم نسخ الرابط