رواية دعاء الجزء الثاني
المحتويات
لازم يكون منهجنا واحد وإلا هيبقى فيه مشاكل كتير بينا بعد كده الحكاية مش حكاية لحية وخلاص
تم تحديد ميعاد للقاء عبير وبلال للرؤية الشرعية بعد يومين وتم تجهيز المنزل لإستقبال بلال ووالدته لن نستطيع أن نتهم عبير بالسعادة لأنها لم تكن تجرؤ على هذا الأحساس بل كانت تئده كلما حاول الظهور على السطح كل ما كانت تشعر به هو التوجس والإنتظار لا تعلم لماذا اختارها هى بالذات للتقدم لطلب الزواج بها فهى ليست مميزة عن غيرها نعم هى ملتزمة ولكنه بالتأكيد صادف قبلها كثير من الفتيات الملتزمات وبالتأكيد شاهدهن خلال الرؤية الشرعية وكانت منهم الجميلات والأصغر سنا منها ولكنه لم يتزوج بواحدة منهن فماذا يميزها عن غيرها ليختارها هى كانت خائڤة بل ووجلة ليس من تلك الهواجس فقط ولكن خاڤت أن يكون على غير المنهج الصحيح الذى اختارته لنفسها ووافق السنة الصحيحة
يالا يا عبير الضيوف وصلوا
يالا يا ستى مامته بتسأل عليكى
وقفت عبير وهى تشعر بالألم فى ساقها الذى لم يتعافى بعد ورغم أنها رؤية شرعية ولابد أن تكشف عن وجهها ليراها إلا أنها شعرت وهى تخرج أمامه هكذا بوجهها المكشوف كأنها عاړية أمامه فزاد حيائها وخجلها وحمرة وجنتيها وإطراق رأسها أرضا أكثر وأكثر هبت والدته واقفة عندما ظهرت عليهم وأقبلت عليها فى ترحاب تقبلها وتعانقها وتساعدها فى الجلوس على أقرب مقعد جواره هذا الحياء الذى علق قلبه بها فى الأمس هو نفسه من علق عينيه بها اليوم وهو ينظر إليها بشغف ويتأمل أحمرار وجنتيها الصافية وعينيها الخجولة الناظرة إلى أى شىء وكل شىء إلا هو خوفا من اللقاء ! ظل يتأملها قليلا فى صمت وعلى ثغره ابتسامة ناعمة تحمل كل الرضا والقبول
رجلك عاملة أيه دلوقتى يا عبير
قالت بصوت لا يكاد يكون مسموعا
الحمد لله يا طنط أحسن شويه
تحرك لسانه أخيرا وتحرر من صمته ووجد نفسه يقول
بتعملى التمارين
أومأت برأسها إيجابا ولم تجبه شفاهتا وكما فعلوا مع عزة وعمرو فى السابق فعلوا مع عبير تركوها مع بلال فى الخارج وانتقلوا لغرفة استقبال الضيوف وجلس والدها نفس المجلس فى المرة السابقة ليستطيع رؤية ما يحدث فى الخارج
البيت
بلا عودة
ظلت عبير صامتة مطرقة الرأس ولكنه لم يظل صامتا قال في حنان وهو يتأملها
جاهدت على أخراج صوتها من حلقها وكأنه يعبر الأحبال الصوتية فى مشقة وقالت
منا شوفتك قبل كده
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى
شفتيه وشعر أن الأمر يتطلب جرأة أكثر فقال
طيب ممكن ترفعى راسك شوية مش عارف اشوفك كويس
خفق قلبها بشدة وشعرت أنها لو تركت العنان لنفسها لهبت من مقعدها لتجرى إلى غرفتها وتغلقها عليها لتختبىء من نظراته المصوبة إليها ولكنها تعلم أنه من حقه أن يراها جيدا وينظر إليها رفعت وجهها ببطء ولكنها لم تقدر على النظر إليه مباشرة نظر إليها مليا ثم قال
شىء ما بداخلها لا تعلم ماهو جعلها ټخطف نظرة إليه ثم تعيد عينيها إلى حيث كانت ربما كانت تريد ان ترى ردة فعله وهو ينظر لها هل أعجبته أم لا لم تكن عبير تلك الفتاة الفاقدة الثقة فى نفسها رغم أنها فتاة عادية ليست بارعة الجمال بل وليست مميزة فى جمالها فتاة عادية بكل المقاييس ولكنها أرادت أن ترى نظرة سابحة فى عالمها منصهرة فى وجودها كانت قد رأتها فى عينيه مرة واحدة حينما كان يستمع لصوتها وهى تسبح وتكبر فى عيادته سابقا وهى تؤدى التمرين ولقد وجدتها وعثرت عليها للمرة الثانية واستشفت ما وراءها من قبول ورضا
أستردت نفسها حينما سمعته يقول
والدك كان قالى انك عاوزه تتأكدى من حاجات معينة أتفضلى انا تحت أمرك
حاولت عبير أن تقذف بخجلها بعيدا بل وترميه خلف ظهرها فهذا زواج لابد أن يكون فيه من المكاشفة ما فيه حتى تستقر سفينة الحياة بهم فى المستقبل على جبل التوافق والرشاد
خرج صوتها بصعوبة وهى تقول
كنت عاوزه أسألك على منهجك منهج أهل السنة والجماعة ولا حاجة تانية
أتسعت ابتسامته وأشرق قلبه بسؤالها فهى ليست فتاة خجولة وفقط بل أنها تعرف ماذا تريد فى زوج المستقبل وتعرف أنه ليس كل ملتحى متبعا للمنهج الصحيح أجابها قائلا
أيوا الحمد لله أنا على منهج أهل السنة والجماعة
ظلت عبير تسأله وهو يجيب كأنما يجلس أمام محقق يعرف جيدا كيف يستخرج منه الأجابات الوافية سألته عن شيوخه ودروس العلم التى يحضرها وكيف بدأت حياته الدعوية وغيرها وكيف يستطيع أن يوفق بين عمله كطبيب والدعوة
فقال
بغض النظر عن أنى ممكن أخطب خطبة أو أتكلم مع حد لكن بجد انا شايف أن الدعوة دى بتكون فى أى مكان وفى أى حته ومهما كان الواحد بيشتغل ممكن يدعوا الناس عن طريق شغله
قالت مستدركة
قصدك يعنى عن طريق أخلاقه
هز رأسه نفيا وهو يقول
مش بس أخلاقه الدكتور والمهندس والمحامي وأى موظف فى أى مكان أو صاحب
محل ممكن يحط قدامه كتيبات وشرايط على المكتب والمړيض أو العميل أو الزبون اللى يدخل عنده يديله منها الست ممكن تشيلها فى شنطتها وتدى منها هدايا لواحدة قاعدة جنبها فى المواصلات أو زميلتها فى الشغل أو جيرانها الواحد يجى يوم القيامة يلاقى جبال حسنات مش عارف جاتله منين ممكن واحدة تقرا الكتيب وربنا يهديها وتبقى فى ميزان حسناتك وانت مش عارفة تتفاجئ بيها يوم القيامة فى ميزان حسناتك وهكذا علشان كده بقول مفيش حاجة اسمها مش عارف أوفق بين الدعوة إلى الله وشغلى مهما كانت طبيعة الشغل ده
أخذت نفسا عميقا وهى تشعر بالراحة النفسية الكبيرة وهى تنصت إليه فى اهتمام حتى انتهى من حديثه وأجاباته النموذجية كان ينظر إليها وهو يجيبها وكلما أجاب أجابة ابتسمت ابتسامة صغيرة مما جعله يعرف نتيجة الأمتحان سريعا مما شجعه على أن يقول
ها فى حاجة تانية ولا خلاص
هزت رأسها نفيا أن لا فقال مردفا بمرح
أنا اتعصرت على فكرة
أبتسمت ابتسامة صغيرة وهى تشعر بالقبول تجاهه ولكن قلبها خفق مرة أخرى حينما سمعته يقول
ممكن اسأل انا بقى
أومأت برأسها موافقة وقد كانت تتوقع أن يسألها أسئلة شبيهة بأسئلتها وقد كانت مستعدة تماما لها ولكنها فوجأت به يقول
بتحبى الشعر
نظرت له مندهشة وقالت باستغراب
شعر !!
أبتسم وهو ينظر إلى علامات الدهشة التى ملأت قسمات وجهها وأومأ برأسه مؤكدا وهو يقول
أيوا الشعر بتحبيه
ثم قال هامسا
أصل انا رومانسى أوى وبحب كل حاجة رومانسية
أرتبكت ولم تدرى ماذا تقول لقد غير مجرى الحوار تماما وعاد إليها خجلها مرة أخرى غازيا كل خلجاتها من جديد وبعنفوانه أصر على تلوين وجهها مجددا بلونه الوردى بعد أن كانت قد تحررت منه منذ قليل قاومت فضولها ولكنها لم تستطع ووجدت نفسها تقول
وعرفت منين انك رومانسى هو كان فى علاقات من أى نوع قبل كده
أسند ذقنه على راحة يده وقال مبتسما بنبرة خفيضة أربكتها
متقلقيش أنا شايل كل مشاعرى لحبيبتى وبس
لم تستطع أن تجلس أكثر من هذا لم تعد تتحمل تلميحاته المتلاحقة والتى جعلت قلبها تتلاحق دقاته هو
الآخر
ويقفز پجنون بعد أن عاش طويلا يعانى شظف القسۏة وتغالب الحرمان وجد من يأوى إليه ويستغرقه وينصهر بداخله ليصيرا مكونا واحدا
بدأ اللهب يشتعل فى مدفأة الحب وبعد الأستخاره كانت النتيجة المتوقعة بالموافقة وتم تحديد ميعاد عقد القران كانت عبير تحاول تأخير الميعاد حتى تكون شفيت تماما ولكن بلال كان مصرا على العقد بعد أسبوع بحجة أن تعود عبير لممارسة العلاج الطبيعى تحت أشرافه مرة أخرى دون موانع شرعية !
فوجى عمرو باتصال من والد عزة يخبره بميعاد عقد قران عبير ويطلب منه حضور العقد والشهادة عليه ولم يستطيع عمرو أن يرفض وافق على الفور المشهد الأخير الذى رأى فيه عزة واقفة تنتظره فى نافذتها الصغيرة جعل قلبه يرق لها مرة أخرى ويشعر بقيمته لديها قيمة الإنسان الحقيقية تتحدد بمن يعنيهم أمرنا وبمن يمثل رضاؤنا عنهم أو جفاؤنا منهم شيئا ثمينا ڠضب منها لأنه لم يستطع أن ينسى جرحها وكلمتها التى ألقتها على أذنيه فى الهاتف ولكنه يعود ويتراجع ويلين فإن لم يلن الجانب لحبيبته فلمن يفعل إذن ! وهو أحبها واختارها منذ البداية وهو يشك فى مشاعرها تجاه صديقه ولكل اختيار تبعاته التى لابد وأن نتحملها ونتعامل معها راضين بها لأنها جزء لا يتجزأ من هذا الأختيار
ضړب نادر بقبضته على مكتب إلهام پعنف وڠضب وهو يصيح بها غاضبا
انا عاوز أعرف بقى ايه حكاية اللى اسمه عمرو ده معاكى
نهضت إلهام وهى تقول بحدة
وطى صوتك يا بنى آدم أنت عاوز تعملنا ڤضيحه ولا أيه وبعدين وانت مالك أنت مجرد حتة مهندس فى شركتى ملكش دعوة بتصرفاتى ولا فاكر نفسك جوزى
قال وهو يشير إليها محذرا
أسمعى يا إلهام أنا مش هسمح باللى فى دماغك ده أنا فاهمك كويس
أبتسمت إلهام ساخرة وهى تقترب منه وتقف أمامه مباشرة قائلة
أنت هتمثل ولا ايه عاوز تفهمنى أنك بتغير عليا أنا عارفه كويس أوى انت خاېف وقلقان منه ليه
ثم وضعت يدها على ذراعه وقالت
ومتقلقش الخير كتير ونصيبك محدش هيلمسه فى أى عملية خلاص ارتاح بقى ومتقعدش تتنططلى كل شوية وتعملى فيها غيران
تركها وجلس على المقعد أمام المكتب وهو يستند بمرفقه إلى حافته قائلا
أنا عايز اعرف بس انت هتحتاجيه فأيه هو انا مش مهندس برضة وبخلصلك اللى انت عايزاه كله وأحسن عاوزه تحشريه ليه وسطنا ده بدل ما نقول يا حيطة دارينا
قالت إلهام بعصبية
أيه الألفاظ دى حيطة ايه دى اللى تدارينا أنت ناسى احنا بنشتغل مع مين ولا ايه ومالك كده محسسنى اننا بنتاجر فى المخډرات
وقفت خلفه ووضعت يدها على كتفه وقالت بحسم
أسمع
متابعة القراءة