رواية دعاء الجزء الاول
المبرد عايز جطعه.
واه... كانك مجادرشي مش قادر عليها اياك... عيب على شنبك يا شيخ الغفرة... غوور من جدامي لاجتلك.
هرول سمعان من أمامه و هو يتعثر بجلبابه من فرط الرهبة بينما معتصم زادت وتيرة تنفسه للغاية فكيف لثمة فتاة أن تعصي أمر الكبير و كيف واتتها الجرأة لتفعل ذلك... فأعتى الرجال بأعلى المناصب لم يستطيعوا أن يفعلوها يوما.
رايح فين يا ولدي!
توقف عن السير ليقول
رايح أعمل اللي أهلها معرفوشي يعملوه.
هملها لحالها يا ولدي...متجلش جيمتك مع بت جليلة الرباية زييها... بنتة بحري واعرين و معيكبروشي لحد واصل.
لازمن تعرف مجامها ياما...و ياني يا هي في البلد دي.
چيب العواجب سليمة يا رب.
خرج من المنزل بأكمله و سار ناحية الوحدة سيرا على الأقدام يدب الأرض بقدمية پغضب جامح حيث كانت الوحدة قريبة من منزله.
حين اقترب من المبنى أتاه اتصال هاتفي فتوقف ليرد على الهاتف بعدما قام بضبط انفعالاته فقد كانت مكالمة هامة للغاية
ألو.. معالي الباشا ازيك يافندم.
طبعا يا باشا هحضر الاجتماع.... دا اجتماع مهم جدا لا يمكن يفوتني..
.......
حاضر يا معالي الباشا أوامر سيادتك يافندم.
......
بس حضرتك لازم تحضر معانا العشا... وجودك هيشرفني يا معالي الباشا.
.......
تمام يافندم في رعاية الله مع السلامة.
أغلق الهاتف ثم خلع عنه معطف رجل الأعمال
حين رآه الناس و منهم مارتينا وقفوا احتراما له ثم ذهب إلى غرفة الكشف حيث تقبع ريم.
أراد أن يركل الباب بقدمه و يقتحم عليها الغرفة و لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة و قام بطرق الباب بقوة من فرط انفعاله.
فقامت بدورها لترى من هذا الأهوج الذي يطرق الباب بهذه الطريقة ففتحت الباب بسرعة و هبت بالماثل أمامها يصد عنها الهواء بانفعال بالغ و بصوتها الجهوري المعتاد
أخذ يناظرها بعينين تشتعلان شررا يعاينها من رأسها حتى أخمص قدميها كانت ترتدي بنطال چينز ضيق و كوتشي أبيض رياضي كنزة بيضاء طويلة نوعا ما تصل لمنتصف فخذيها و حجاب أسود صغير بالكاد يغطي رقبتها ترتدي نظارة طبية رقيقة جعلتها أكثر جمالا تخفي بها عينيها العسليتين المحددة بالكحل الأسود و تحدد شفتيها بطلاء الشفاه الوردي و حمرة بسيطة في وجنتيها ذات البشرة البيضاء فرغم صوتها العالي إلا أنها تبدو من الخارج رقيقة و جذابة تدعوك للتأمل بملامحها الجميلة طويلا.
انتي بجى الضاكتورة اللي اتچرأت و عصت أمري!!..
في الحال علمت أنه المدعو معتصم بيه فحاولت أن تتحلى بالشجاعة و ردت بنبرة أقل حدة
و انت بقى سي معتصم بيه!!.
صاح بها بغلظة و ثبات
انچري ادخلي چوا عشان فيه حساب بيناتنا هنصفيه... جولت ادخلي.
انتفض جسدها پخوف ثم سرعان ما استعادت شجاعتها لتقول
انا مسمحلكش... أنا مش الخدامة بتاعت سيادتك.
أدرك جيدا أنها من ذوات الرأس الحديدية و أن أسلوب الترهيب لن يفيد فقام بدوره بالتقدم منها كثيرا و هو يناظرها بتحدي فبدون وعي منها عادت للخلف عدة خطوات باضطراب فابتسم بانتصار ثم دخل الغرفة و قام بمواربة الباب.
اجعدي
قالها بأمر فانصاعت لأمره تلك المرة حتى تنهي هذه المقابلة السخيفة من وجهة نظرها.
جلس قبالتها بالمقعد الخاص بالمرضى ثم قال بنبرة عادية نوعا ما
اسمعي يا بت الناس... انتي اهنيه مش في بحري... انتي اهنيه في الصعيد... و الصعيدي دمه حامي معيجبلش الإهانة واصل بالذات لما تكون من حرمة...أني كنت چاي و ناويلك على نية سودة... بس المرادي خليها اكده تحذير.. إنما المرة الچاية معجولش راح اعمل ايه فيكي.. عتشوفي بعنيكي الحلوين دول.
توترت أوداجها و بدأ الخۏف يتسلل إلى جوارحها فقد لمست في حديثه الجدية فقالت بنبرة ضعيفة حتى لا تثير غضبه
انت بتهددني!!.. هو دا كرم الضيافة بتاعكم!
ده مش ټهديد... جولتلك ده تحذير.. و ان كان على كرم الضيافة عايزك تسألي زميلتك الضاكتورة مارتينا احنا وچبنا معاها كيف و مع الضاكتور حسين اللي كان ماسك مكانك جبل ما تشرفي... بس الصراحة ناس تستاهل الكرم... مش زي ناس طالجة لسانتها على رچالة البلد.
قال عبارته بنبرة ذات مغذى و بالطبع فهمت مغذاه فأخذت تتحدث معه بهدوء و احترام
حضرتك قبل ما تحكم عليا يا ريت تسمع من طرفين مش من طرف واحد.
جولي اللي عنديكي يا ضاكتورة.
أولا أنا أكتر حاجة بكرهها و بټعصبني جدا هي الإهمال و قلة الذوق.. و الأخ الأولاني جايبلي ابنه متبهدل من التسلخات و بيقولي بقاله أكتر من أسبوع بالمنظر دا و لسة فاكر ييجي يكشف عليه النهاردة فبسأله بقوله طاب كنت بتستخدم ايه عشان تعالج بيها التسلخات قالي زيت الطبيخ... اديني عقلك انت.. ڠصب عني انفعلت و محستش بنفسي غير و انا بقوله يا جاهل يا متخلف.
ابتسم معتصم حين رأى منها الجانب الهادئ و أدرك حينها أن رجال البلدة هم من يجعلونها تخرج أسوأ ما فيها و لكنه أخفى بسمته سريعا قبل أن تراه و حافظ على جديته و ثباته و هتف بها بغلظة
مهما ان كان غلطان ميصحش واصل انك ټصرخي فيه اكديه و توبخيه كيف اللصغار.
عدلت من وضعية نظارتها الطبية ثم قالت بندم
قولت لحضرتك أنا بتعصب بسرعة ڠصب عني.. و اللي بشوفه بصراحه من ساعة ما جيت خلاني أتعصب كتير... و بعدين برضو الغفير بتاعك جاي يقتحم عليا القوضة و أنا بكشف على بنوتة صغيرة بدون ما يستأذن... هل دا يصح يافندم!
كور قبضة يده پغضب من فعلة خفيره الغبي و توعد له و لكنه رسم الثبات على وجهه قائلا
لاه ميصحش يا ضاكتورة... في دي عنديكي حج.. بس برضو احب أفكرك يا ريت مسمعش عنيكي شكوى تاني من ردالة البلد... انتي مهما كان حرمة.. و ميصحش الحرمة تعلي صوتها على الردالة.
ابتلعت غيظها من تصريحه ثم قالت باقتضاب
ربنا يسهل... أي أوامر تانية!
نهض من مقعده و هو يقول بثقة
لحد دلوق لاه...بس اعملي حسابك لو أنا خطيت الوحدة دي تاني يبقى معيحصولش خير واصل و اتجي شړي أحسنلك... عشان انتي مش جد شړ الكبير و أتمنى إنك ما تدوجيش منيه... سلام يا ست الضاكتورة.
لم ينتظر ليسمع ردها و انما استدار مغادرا بعدما استطاع اثارة حنقها البالغ و بقيت هي لتتوعد له مثلما توعد لها تماما.
عند باب الوحدة لحقت به مارتينا و هي تقول
معتصم بيه لحظة.
وقف لينظر لها باستفهام فأردفت بتوتر
متزعلش من ريم.. دي والله طيبة جدا و خدومة و جدعة... هي بس اللي بيعصبها اهمال
الأهالي مع أطفالهم.. بس عايزة اقولك انها أشطر دكتور دخل الوحدة دي.
أومأ متفهما ثم قال
فهميها يا دكتورة مارتينا ان الناس هنا طباعهم مختلفة عن القاهرة و لازم تتعايش مع الوضع دا يا إما تريحنا و تريح نفسها و تمشي من هنا خالص.
ابتسمت باعجاب حين تحدث معها بلهجته القاهروية فقد كانت نبرته رقيقة للغاية و لكنها تجاوزت ذلك مردفة
خسارة يا معتصم بيه.... قولت لحضرتك ريم شاطرة جدا و هتنفع الناس هنا و مع الوقت هما اللي مش هيستغنوا عنها.
تنهد بعمق ثم قال
و هتفيد بايه شطارتها مع لسانها الطويل دا... على العموم لو لقيت منها حسن النية هشيلها من ع الارض شيل... انما لو اتمادت في قلة أدبها دي.. يبقى تستاهل اللي هعمله فيها.
أسرعت لتقول بتأكيد
لا لا يا معتصم بيه... ان شاء الله مش هتشوف منها غير كل خير.
أومأ بإيجاب ثم استأذن بالمغادرة بينما مارتينا عادت لصديقتها و هي هائمة برقته و وسامته حين رأت منه الجانب المتحضر لأول مرة أخذت تحدث نفسها قائلة
يابن الايه... لو مكنتش مسيحية كنت حبيتك..
ثم أخذت تضحك على نفسها إلى أن وصلت إلى مكتب صديقتها و التي كانت تجلس بمقعدها تستشيط ڠضبا و وجهها محمر من فرط الانزعاج و العصبية.
يا لهوي يا ريم... چنتل مان مووووت.
قالتها و هي تبتسم بهيام مترقبة ردة فعل صديقتها التي استقبلت عبارتها باستنكار تام متمتمة
نعم!!.. دا چنتل مان!..
طبعا يابنتي.. أصلك مسمعتهوش و هو بيتكلم معايا قبل ما يمشي.
تأففت بملل و هي تقول
و النبي قفلي ع السيرة دي بقى.... أنا يظهر كدا مستنياني أيام فل ف أم البلد دي.
ضحكت مارتينا بصخب فناظرتها ريم بغيظ و هي تقول
اضحكي ياختي اضحكي... مانتي متعودة على كدا..
أومال يابنتي... ما أنا صعيدية برضو بس من مدينة سوهاج نفسها... بس يعني مش حاسة بالغربة زيك و لا شايفة ان الناس غريبة زي مانتي شيفاهم.
تنهدت بقلق و هي تقول
ربنا يعدي الأيام اللي جاية على خير.
حين عاد الى أمه راحت تسأله بقلق مردفة
خير يا ولدي!..عملت معاها ايه
جلس بجوارها متنهدا بعمق ثم قال بهدوء
كل خير يا امايا...البنتة لاجيتها كيوتة كدا..
قاطعته بقولها مستنكرة
باه... كيوتة كيف يا ولدي!
حمحم بحرج مستعيدا غلظته مرة أخرى ليقول
قصدي بت نايتي اكده... ماعتحملشي اللي كنت ناويلها عليه... بس عطيتها جرصة ودن اكده لعند مانشوفو آخرتها ايه معاها...
أومأت برأسها و هي تقول
أني خابراهم زين بنتة بحري.. بيتلونو كيف الحرباية.
بزياداكي يامايا حديت في الموضوع ده.. معايزش اعطيها جيمة اكبر من حچمها.
ربتت على كتفه بحنو و هي تقول
طاب كمل فطورك يا ولدي.. ملحجتش تكمل واكلك.
نهض من كرسيه متمتما بضيق
مالياش نفس.
ثم غادر عائدا الى غرفته تحت نظرات أمه المتعجبة.
بمجرد أن دلف غرفته خلع عنه جلبابه ثم ألقاه پعنف و كأنه يفرغ به غضبه من ذاته.
فمنذ أن التقى بها و صورتها لم تفارق عينيه كانت جذابة حقا... جذابة لدرجة أنه تنازل عن غضبه و نيته السيئة في عقابها بمجرد أن تأملها و سمع صوتها...جذبته لدرجة أن ملامحها طبعت بذاكرته صوتها مازال يتردد بأذنيه لما احتلت قدرا كبيرا من تفكيره في غضون دقائق قليلة!... إنها ليست المرة الأولى التي يلتقي بها بفتاة قاهرية جميلة... إنه ليس ذلك الرجل الذي ينجذب بسهولة لأي امرأة مهما كانت تمتلك قدرا كبيرا من الجمال.
أخذ يجذب خصلات شعره و هو يجز على أسنانه و يقول
اطلعي من دماغي بقى... كنتي مسخبيالي فين يا بت الناس.
يتبع...