رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد ج4

موقع أيام نيوز

مشوفتهمش.
ردت ريم 
يا ريت تروح تسلم عليهم في بيتهم و بلاش تخلي روان تيجي هنا لحد ما ندى تخف بالسلامة... الحمل مخلي مناعتها وحشة و ممكن تتعدي من جو البيت بسهولة. 
قالت تيسير و كأنها تذكرت شيئا ما للتو 
بمناسبة الحمل يا أدهم... تصور كنا فاكرين ان تعب ندى من الحمل! 
تجمد جسده لوهلة پصدمة بالغة و لكن سرعان ما ابتسم بحالمية و هو يفكر بجدية في ذلك الأمر ليقول مبتسما 
قريب اوي يا ماما ان شاء الله.. 
ربتت أمه على فخذه و هي تدعو 
ربنا يرزقك بالذرية الصالحة يا حبيبي. 
غمزت ريم لأمها لكي تتحدث بخصوص أمر سفرها لمعتصم في الغد فهزت رأسها ثم توجهت لأدهم بالحديث في محاولة لاقناعه بالذهاب على أن تتولى أمه رعاية ندى في بادئ الأمر طلب منها تأجيل الذهاب و مع عدة محاولات لاقناعه أصرت والدته على ألا يكسر خاطر أخته فلم يجد بدا من الموافقة مع اصرار والدته الشديد على أن يذهبا و يعودا في نفس اليوم.
و بالفعل صباح اليوم التالي اطمئن أدهم على ندى و أوصى أمه عليها كثيرا ثم استقل سيارته بصحبة شقيقته و انطلقا سويا الى محافظة سوهاج...
كان الجميع يقفون على قدم و ساق يجهزون لحفل الزفاف بالقرية و كانت الأجواء احتفالية و الطبل و المزمار لم يتوقف طيلة اليوم في الدوار...
وصل أدهم و شقيقته الى البلدة عند منتصف النهار و كان معتصم و عائلته في استقبالهما ... 
تعرف أدهم على معتصم و والدته و أشقائه و قد لفت نظره وسامة معتصم الزائدة علاوة على بنيته الجسدية الملفتة و شخصيته الواثقة الأمر الذي أقلقه خشية أن تكون ريم قد انبهرت به فقط لتلك الأمور السطحية من وجهة نظره خاصة انه استقبله بملابس عصرية أظهرت مدى وسامته و أناقته. 
تناول أدهم وليمة الغداء مع الرجال بينما ذهبت ريم مع وليمة النساء بصحبة عائشة و مارتينا.
و عندما حل المساء بدأت الاحتفالات الحقيقية و انقسمت حديقة الدوار لقسمين كما كانت في حفل الخطبة..
وصل حمد مرتديا جلبابه الصعيدي و بصحبته عروسه الجميلة... وقف وسط الحفل بجوارها و الجميع يصفق و الرجال يرقصون بالعصا و الخيول ثم أخذها الى مجلس النساء و أجلسها بينهن ثم عاد لضيوفه بمجلس الرجال يرقص بينهم و هو يحاول أن يتجاهل قلقه من أيامه القادمة مع زوجته الصامتة يحاول الاستمتاع بالأجواء و صرف تفكيره عن حياته التي تبدو و كأنها ستكون عسيرة عليه...
لم يترك معتصم صهره المستقبلي أدهم و لا لحظة مظهرا له اهتماما شديدا لعله يخطب وده تحدث معه في مواضيع شتى و حكى له مسيرته حتى أنشأ تلك الشركة و بالطبع لم يتطرق الى الحديث عن نرمين و مساعدتها له حتى وقف على قدميه في مقابل زواجه بها. 
انبهر حقا بحديثه و مسيرته الناجحة و لكنه رغم ذلك لم يصدقه تماما و أحس بوجود خطبا ما و لم يشعر تجاهه بالارتياح الكامل. 
استدرجه أدهم في الحديث حتى يأخذ منه أكبر قدر من المعلومات عنه بما في ذلك عنوان شركته و مصنعه.
اندمجت ريم كثيرا مع الفتيات حتى أن واحدة منهن جذبتها لترقص بينهن و قد استجابت لها و بدأت تتمايل بسعادة فالأجواء مٹيرة للغاية و الأغاني الصعيدية التي يدندن بها ممتعة... 
بعدما تعبت من الرقص جلست جانبا لتتفقد هاتفها فوجدت مكالمة فائتة من أمها لم ترد عليها فخشيت أن تكون ندى قد أصابها مكروه فتسللت من بين النساء حتى خرجت من المكان و ابتعدت قليلا حتى تتمكن من سماع الصوت. 
استندت الى جذع شجرة كبيرة ثم اتصلت بأمها و أخذت تسألها على ندى و كان سمعان في تلك الأثناء يحرس الحفل بالخارج و رأى ريم و هي تبتعد عن الدوار فخشي أن يحدث لها مثلما حدث في المرة السابقة حين ضلت الطريق فحسم أمره بإخبار معتصم عبر الهاتف و قد فعل.. 
حين علم معتصم بذلك استأذن من الحضور و كان من بينهم أدهم و خرج يتفقد ذلك الأمر خشية أن يفقدها مرة أخرى...
فاستغل أدهم فرصة ابتعاد معتصم و قام في الحال بالاتصال بصديقه آسر 
ألو.. آسر أنا هبعتلك ع الواتس بيانات واحد كدا معرفة و هبعتلك عنوان شركته.. عايزك تعرفلي كل حاجة عنه من يوم أمه ما ولدته و كل حاجة عن شغله و معارفة و شركائه... كل حاجة كبيرة و صغيرة مهمة او مش مهمة يا آسر... هقولك بعدين.. تمام مش عايز استنى كتير يعني على بكرة بالليل لو أمكن... راضي المخبرين بتوعك و انا هحاسبك لما اشوفك... تمام سلام.. 
أنهى المكالمة و هو يبتسم بغموض و يتمتم لنفسه بخفوت 
أنا من الأول قولت مش مرتاحلك يا سي معتصم...أما نشوف ايه اللي وراك..
حين رآها تقف مستندة الى جذع الشجرة و بيدها الهاتف أخذ يهز رأسه بغيظ ثم سار نحوها ببطئ حتى لا تشعر به الى أن صار خلفها فباغتها بصياحه 
تاني يا ريم.. 
صړخت ريم حين أتاها صوته بغتة حتى أن الهاتف وقع من يدها و أصبح جسدها كالهلام من فرط الفزع حتى كادت أن يغشى عليها فأسرع معتصم بمسكها من خصرها حتى لا تسقط على الأرض و يقول بنبرة مطمئنة 
مټخافيش يا ريم دا أنا... أنا معتصم.. 
نظرت له و هي تلتقط أنفاسها المتلاحقة بصعوبة و قد خرجت عن السيطرة تماما فأخذ يمازحها قائلا 
و بعدين بقى... انتي شكلك مش هتهدي غير لما أحضنك.. 
ثم اقترب منها للغاية و كأنه سيحتضنها و لكنها ابتعدت سريعا للخلف فتراجع و هو يضحك بقهقهة فنظرت له بغيظ لكن سرعان ما تحولت تلك النظرات لاعجاب من ضحكته الجميلة التي أظهرت أسنانه البيضاء المتناسقة و التي تراها لأول مرة فلم تكن ترى منه أكثر من ابتسامة فقط بشفتيه فلاحظ معتصم شرودها و تأملها لخلقته فتحولت ضحكاته لبسمة هائمة 
حلو أنا عارف. 
عادت ترمقه بغيظ و هي تقول 
و عارف كمان ان انت مغرور! 
أجابها برقة بالغة 
لو هتغر ع الدنيا كلها.. مش هتغر عليكي أبدا. 
ابتسمت بخجل ثم قالت بجرأة 
انت عارف أول مرة شوفتك فيها استغربت ازاي في راجل بالجمال و الهيئة و الشياكة دي في البلد دي..اللي زيك بنشوفهم ع الشاشات بس.....ساعتها قعدت اقول في سري سبحان من صورك.. بس لما شوفت الحاجة والدتك عرفت انك وارث ملامحك الحلوة دي منها. 
استند بذراعه الى جذع الشجرة ثم نظر لها ببسمة هائمة سلبتها عقلها 
أومال أنا أقول ايه في جمالك و رقتك و شقاوتك اللي طيرت النوم من عيني! 
أسبلت جفنيها بخجل و هي ترفرف بأهدابها فتحدث معتصم يسألها بجدية و كأنه تذكر شيئا لتوه 
ايوة صحيح انتي مبتحرميش!.. ايه اللي خلاكي تبعدي عن الدوار... افرض توهتي زي المرة اللي فاتت! 
ردت بعناد 
ما أنا أكيد المرادي هاخد بالي يعني.. 
و لو أنا مكنتش شوفتك كان مين هيدور عليكي و يلاقيكي.. 
ردت برقتها المعهودة 
أدهم كان هيلاقيني... طول ما أدهم معايا أنا مبقلقش. 
ضيق عينيه و هو يتأملها بدهشة ثم قال بنبرة مغتاظة 
أنا بدأت أغير من أدهم.. 
تبسمت ضاحكة بخجل فاسترسل يسألها بجدية 
بس قوليلي بقى ايه حكاية ال panic attack اللي بتجيلك دي!.. و كام واحد حضنك غيري وقت النوبة! 
ضحكت ريم بملئ فمها فاغتاظ معتصم من ضحكها ثم تمتم و هو يصتك فكيه 
اممم... شكلهم كتير.. 
لا و الله هو أدهم بس.. 
سكتت مليا ثم استرسلت بنبرة أليمة 
أول مرة جاتلي لما شوفت بابا
و هو بيتقتل قدام عنيا بعد ما الماڤيا ضړبته بالړصاص في صدره... كان لسة خارج من البيت رايح على شغله و انا جريت وراه عشان احضنه قبل ما يمشي ملحقتش أوصله.. كان وقع ع الأرض و غرقان في دمه... ساعتها وقفت مكاني و جسمي ارتعش و نفسي ضاق لدرجة اني كنت حاسة اني بمۏت كل اللي في البيت خرجو على صوت الړصاص و جريوا على بابا و محدش اخد باله من حالتي لحد ما حالتي ساءت و جالي اڼهيار عصبي.. المشكلة اني مبعرفش أخرج من الحالة دي بارادتي.. بعد ما أدهم اتأكد ان خلاص بابا ماټ بعد ما وقع ع الأرض انهار بس شافني انا كمان مڼهارة و بطلع في الروح.. جري عليا بسرعة و أخدني في حضنه و قعد يهديني بالكلام و يطبطب عليا لحد ما جسمي هدي و أغمى عليا بعدها... فضلت فترة كبيرة بعدها بتعالج نفسيا و الكوابيس مكانتش بتسيبني... الحمد لله بقيت أحسن دلوقتي بس المشهد لسة سايب أثر جوايا... ندبة كبيرة مبتروحش. 
تأثر معتصم كثيرا لما رأته حبيبته يود لو يمحي ذلك الألم و تلك الندبة و لكن ليته بيده.. 
كنتي صغيرة! 
محت دمعة فرت من عينها ثم هزت رأسها بايجاب 
أيوة... كان عندي حوالي ١٢ سنة...
سكتت مليا ثم استرسلت بحزن
من ساعتها و أدهم بېخاف عليا من الضغوط النفسية و بيحاول بكل الطرق انه ميزعلنيش عشان حالتي ماتسؤش... كان خاېف يدخلني كلية الطب عشان مشوفش چثث في التشريح بس أنا صممت و قعدت أطمنه ان النوبة دي ملهاش علاقة بالچثث... مرتبطة أكتر بالخۏف و القلق... و تاني مرة جاتلي فيها لما ماما جاتلها أزمة قلبية و وقعت من طولها قدامي... خۏفت تروح مني زي بابا ما راح..ساعتها مقدرتش أسيطر على نفسي و الحالة جاتلي و أدهم حضڼي و برضو قعد يهديني بالكلام و يطبطب عليا و يطمني لحد ما بقيت كويسة.. 
رفعت كتفيها لأعلى و هي تقول بشبه ابتسامة 
و بس كدا... و تالت و رابع مرة بقى انت عارفهم. 
أمال رأسه قليلا لمستوى رأسها ثم قال بنبرة هائمة 
و ان شاء الله مش هيكون في بعد كدا... و يوم ما هحضنك تاني... هحضنك و انتي مراتي. 
في تلك اللحظات رن هاتفها فنظرت الى الشاشة لتجد أخاها من يتصل.. 
دا أدهم.. أكيد بيدور عليا... انا هروح أشوفه.. 
استدارت لتغادر من أمامه بخطوات أشبه بالركض فاستوقفها مناديا بعدما ابتعدت عنه مقدار ثلاث أو أربع خطوات لتقف تنظر اليه باستفهام فسألها بهيام 
هو أنا قولتلك قبل كدا إني بحبك! 
ابتسمت حتى ظهرت نواجزها و هزت رأسها بنفي فاتسعت ابتسامته الهائمة ثم استدارت لتغادر مرة أخرى و هي تقول بصوت خاڤت لم يصل اليه 
و أنا كمان بحبك اوي يا معتصم. 
استند بجسده الى جذع الشجرة ثم نظر للسماء و مازالت البسمة الهائمة تزين وجهه البهي متمتما بهمس 
بحبها أوي..بعشقها يا ليل..... يا رب تمم فرحتي بيها على خير.. 
يتبع..
بقلم دعاء فؤاد

تم نسخ الرابط