رواية يسرا الجزء الثالث
حبه بقا ماضي وذكری . . . خلينا في بكرة . . . هو أحلى ما في الدنيا ! بالله عليكم ماذا تريد نجاة!
بل السؤال ماذا تريد هي
ابتسمت بسخرية مرارة وأردفت موضحة
عارفة أغنية نجاة فاكرة عمري مافهمتها ولا فهمت هيا عاوزة تقول إيه بس في الوقت الحالي حاسة أنها بتعبر عني بكل كلمة أنا مش فاهمها ابتسمت درية وتراجعت للخلف قليلا وهي تسترجع حالة الشتات التي كانت تعيشها من قبل بعد ۏفاة زوجها شعرت بالأسف والحزن لرحيله وأحيانا كانت تباغتها نوبات بكاء تنفضها بعقل يخبرها بأنه ليس حبا ولكنه قلقا على مستقبل الأولاد والقلب يأن لأنها بتلك القسۏة عاشت سنون عمرها مع رجل لاتستشعر حقا الحزن الدفين لرحيله شعرت بأنها مچرمة وأحيانا أخرى بأنها محقه حتى وصلت بعد معاناة لمرحلة من السلام النفسي وأنه حقا لا بأس بقدر يسير من الأنانية والقسۏة كي تتمكن من مواصلة حياتها وتأدية واجباتها تجاه أطفالها ولا تعارض بين الوفاء وبين حب الحياة وابتسمت وهي تدندن ذاك اللحن الأثير مستدعية ذكريات الماضي فقد كان زوجها على النقيض منها حالم على الدوام متذوقا لأبيات الشعر مقدسا لأحرفه مستمع جيد للموسيقى بأنواعها وهائم بألحان طوال الوقت تأملتها سالي بتعجب فهي ولأول مرة تتخلى عن وجهتها الباردة بل وتتنازل عن تقطيبة وجهها العابسة ويعلو صوتها بغناء حتى قالت بتزق
فهزت درية رأسها بسرعة نافية وقالت مبررة
أصلك بتفكريني بنفسي اتسعت عينا سالي بغیر تصدیق وقالت
إزاي
أشاحت لها درية بكفها وقالت
مش مهم إزاي لكن الخلاصة ماتستعجليش تبات ڼار تصبح رماد وهتلاقي نفسك في الآخر هتكون حاجة جديدة عليكي عمرك ما اتعودتي عليها بس صدقيني هترتاحي معاها أوي ومش هتقبلي بحد يغيرهالك كانت سالي تستمع لكلماتها بلهفة لهفة الغريق الذي يبحث عن قشة يتعلق بها ليقف في وجه الأمواج التي تصارعه على حياته لهفة التائه الذي يبحث عن موطأ قدم يشبه مثيله في الماضي ليعود لوطنه وأومأت برأسها وهي تصدق قولها رغم أنها لا تملك أدنى فكرة عما تكون البداية وكيف تكون النهاية هي فقط تصدقها بحدس الأنثي وبحدس الأم الذي تمتلکه استقبلت مكالمته بانزعاج بعد مرور ساعة قبیل انصرافها لمنزلها وهي تقول
رد بصوته الهاديء وهو يخبرها
مش عارف والله ياسالي دخلت دلوقت اتطمن عليهم لقيتها سخنة وفكرت أبعت أجيب الدكتور بس قلت يمكن أنت اديتيها حاجة وانه دور برد عادي فاتصلت أسألك لململت أشيائها وهي تحدثه بقلق
لا ماتجيبش الدكتور وماتديهاش حاجة لحد ما أجي أنا مسافة السكة. وعندما وصلت كان الوقت تعدى العاشرة مساءا وأخلدت نعمات للنوم ولم تستطع سؤالها عن حال طفلتها وصعدت الدرجات سريعا نحو غرفة صغيرتها ووقف هو ينتظرها بالخارج وعيناه تلمعان بمكر في الظلام وضعت سالي كفها على وجه صغيرتها ورقبتها واستشعرت حرارتها ثم الټفت له قائلة بغيظ هامس
أكيد!
حاسس أنها دافية تهدل كتفيها بتعب ونفثت بضيق وقالت وهي تحاول الانسحاب للخارج فهو يحتبسها بين فراش صغيرتها والحائط المجاور لها
زي الفل وأصلا النهاردة كانت بتلعب ومبسوطة ماقعدتش لحظه استيقظت الصغيرة على همس والديها وابتسمت بفرح بعيون لازالت ناعسة وقالت مغمغمة
ماما هتبانی معانا في الأوضة
ربتت سالي عليها بحنان وقبلتها وهي تقول
أنا قاعدة معاك لحد ماترجعي تنامي فردت سلمى بإصرار
أحكيلي حدوتة فتنهدت سالي ونظرت بغيظ لجاسر الذي رفع كتفيه وهو يتقمص دور العاجز وانسحب بهدوء ليزيد من حالة الغيظ والڠضب التي تكتنفها أضعافا مضاعفة ومضت بعدها تسرد لها قصة كما طلبت لعلها تستعيد جفونها الناعسة مرة أخرى وبعد مرور الدقائق الطويلة خرجت سالي من غرفة صغارها بعدما وضعت دافئة على جبينهما بخطوات حذرة واصطدمت به فجأة وقبل أن تشعر كانت بين ذراعيه واحمرت وجنتها بشدة وتراجعت للخلف وقال بمكر يستحوذ عليه
معايا عربيتي ولو سمحت عديني أنا أتأخرت أوي وماما زمانها قلقانة تغمغم بصوت ثقيل الهمس متثاقل
وتقلق ليه
أنت هنا مع ولادنا . . . ومعايا وكأنها بحاجة لتتذكر أنها برفقته وبمفردهما في قصر مظلم أفراده بالكامل نائمون حتى لمعت عيناها پغضب والذكرى تعيد فرض نفسها والأجواء متشابهة لحد بعيد لحد مغيظ يشعل الڠضب بجوانحها
صح معاك ولوحدنا الاختلاف بس أنه هنا في القصر مش أوضة في فندق ومروة واقفالنا على الباب اتسعت عيناه بدهشة والڠضب تشكل تلك المرة بحنايا وجهه وهو لايصدق أنه كان بهذا الغباء عندما استدرجها تلك الليلة