رواية منال كاملة

موقع أيام نيوز


موضعي أتطالع ثوبي البراق بنظرات سارحة بدوت عاجزة عن تفسير فحوى كلماته في الأخير بعد تملك اليأس مني رددت لنفسي بجدية
هو يحاول التلاعب بي!
ظللت أكرر بخفوت وقد انقلبت سحنتي
كنت سأقع في فخ تصديقه اللعڼة هو لا يكف أبدا عن تضليلي 
انحنيت لالتقط الثوب بيدي ثم أرحته على ساعدي وأنا لا أزال أحادث نفسي
يظن بذلك أني لن أخرج عن طوعه 

سرت ناحية غرفة تبديل الثياب وصوت غير مسموع يردد في عقلي
وهل أقوى على ذلك
توقفت أمام الأرفف أحدق فيها بنظرات حائرة لكن الصوت الداخلي ظل يقول
وما الذي بيدي لأفعله لم يعد أي شيء يهم الآن فأنا بت في الوحل وسأكون بعد ساعات مثلهم!
تنهدت مليا في ملل منزعج ورحت أتكلم بصوت شبه مرتفع
يا إلهي أنا لا أستطيع فهمه مطلقا كيف يمكنني التعامل مع شخصية غامضة مثله
أردت إراحة عقلي من التفكير التحليلي وانشغلت باختيار المناسب من الأحذية والحلي لتتطابق مع الثوب كم بدا ذلك بالنسبة لي أكثر صعوبة وترددا! فأنا لست من هواة تنسيق الثياب وملحقاتها بشكل أنيق وجاذب في نفس الآن ومع ذلك بذلت أقصى طاقاتي للتوفيق بين المتاح من الخيارات 
أمام المرآة اللامعة وقفت لبرهة أتأمل هيئتي الثوب كان ملائما بدرجة لم أكن أتخيلها مررت يدي على القماش الناعم لأشعر بملمسه الحريري على بشرتي انخفضت نظراتي نحو ساقي اليسرى التي برزت من الفتحة الجانبية الطويلة ضممت الطرفين قليلا ثم سويت بيدي شعرة لاحظت نفورها من مقدمة رأسي قبل أن أديرها للجانب لأتأكد من ضبط الكعكة التي عقدها لكومة شعري كنت قد حررت خصلتين وتركتهما تنسدلان على وجنتي في التفافة متناسقة 
ما إن فرغت من هندمة شعري حتى أمسكت بالفرشاة ووضعت مسحة من مساحيق التجميل المتراصة على تسريحة المرآة كما أفرطت في وضع أحمر الشفاه ليتطابق مع لون الثوب الصارخ نظرة أخيرة ألقيتها على نفسي بعد أن تأنقت وتألقت وارتديت الأبهى من كل شيء أطلت النظر فيما أصبحت عليه بافتنان واضح للحظة شعرت بالرضا عن حالي ولكن راودني ذلك السؤال المحير ماذا إن رآني فيجو على هذه الوجاهة الزائدة أتراه سيعجب بي كشخص واله متيم يهيم شوقا أم فقط سيمنحني نظرات إعجاب مجاملة كتقدير لمجهودي المبذول لأبدو فاتنة عبثت بخاتمي وأنا أوجه اللوم لنفسي لإفراطي في الاعتقاد في شيء لن يحدث إلا في خيالي الأبله
ما الذي تفكرين فيه الآن أفيقي ريانا 
ابتعدت عن المرآة ولم أتوقف عن توبيخ شخصي
لماذا أصبحت رومانسية هكذا فجأة هل هذا فرد يؤمن بالحب لأقع في غرامه
جلست على المقعد المبطن الخفيض والملاصق لحافة الفراش لأضع الحذاء في قدمي أحكمت ربط أشرطته الجلدية ونهضت في تأن تفحصت شكل الحذاء في قدمي كنت راضية كليا عنه فلونه كان مماثل للون الثوب لذا بدا كل شيء متكاملا حقا من يراني على تلك
الحالة يظن أني ذاهبة في مقابلة رومانسية لا لتنفيذ چريمة مأساوية تأهبت للخروج بعد أن سحبت نفسا عميقا عبأت به رئتي في بادئ الأمر كنت أسير بثبات وثقة إلى أن بلغت الدرج أصبحت أكثر ارتباكا وتوترا استنكرت ما يعتريني من اضطراب لمجرد تخيل نظرات فيجو ناحيتي 
مجددا تنفست بعمق وأكملت هبوطي على درجات السلم إلى أن وصلت إليه حاولت جاهدة أن أرسم ابتسامة لبقة صغيرة على محياي لأخفي ورائها العواصف الدائرة في دواخلي وأعماقي رفعت ناظري تجاهه ما إن أصبحت في مرمى بصره رأيت هذه اللمعة تتوهج في حدقتيه فارتفع الخفقان في قلبي بلعت ريقي وسألته لأغطي على ما ينقبض توترا بين ضلوعي
أهذا جيد للتمويه
أكاد أجزم أني شعرت به يكتم أنفاسه ليضبط انفعالاته بعد أن رآني في أبهى صوري وأكثرها روعة ظهر ذلك على قسمات وجهه المشدودة شملني بنظرة مليئة بأشياء تؤكد حدسي وقال بعد هنيهة بزفير أحسست بثقله
إنه رائع للغاية 
تقدم ناحيتي دون أن يحيد بعينيه عني فشعرت بهذه الرجفات المتواترة ټضرب أوصالي بلا هوادة وقف قبالتي وراح يتأملني بنظرات ضاعفت من هواجسي بشأنه بسط كفه بشيء براق انعكس لمعانه في عيني رفعه لأراه قبل أن يقول مادحا 
ينقصك ذلك فقط لتكوني ك فينوس 
سألته في لعثمة خفيفة
ما هذا
وضع كفه على كتفي ليديرني برفق ليلف حول رقبتي شيء ما معدني رفعت يدي لألمس القلادة فوجدته يخبرني في صوت هامس وعذب
إنها لأجلك 
منحني فيجو قلادة مصنوعة من الألماس لتتطابق مع الخاتم الذي أرتديه في إصبعي علا الدبيب في قلبي لم أرغب في الانسياق وراء الوخزات الحسية التي راحت تنتفض في أعماقي وسألته في لهجة جمعت بين الجدية والهزل
أهذه هدية ما قبل العملية
شعرت به يبتعد عني فاستدرت لأنظر إليه رأيت كيف بدا وجهه جامدا جاء رده مخالفا لتوقعاتي بشأن ما ظننت
لا 
أصابني بالحيرة وسأمت من البحث عن مبررات لما يفعل لهذا سألته دون مراوغة
إذا لماذا ابتعتها
أجاب في هدوء وهو يدس يديه في جيبي بنطاله الكحلي
لأني أريد ذلك 
اغتظت من تحايله وهروبه عن منحي ما أريد سماعه فهاجمته بتحيز ملحوظ
حقا أنا لا أفهم تصرفاتك تكاد تناقض طبيعتك المعهودة لماذا تعاملني مؤخرا بلطافة وأنت مع أدنى خطأ تصبح وحشا كاسرا!
أخرج يدا من جيبه ووجه ذراعه ناحيتي لأتأبطه وهو يخبرني
هيا سنتأخر 
نفخت بصوت مسموع ورحت أبرطم بكلمات مبهمة قبل أن أعلق ذراعي على خاصته نظرت إليه من زاويتي فوجدته لا ينظر إلا أمامه من جديد زفرت عاليا لأعبر عن ضيقي من تجاهله المغيظ لكنه أبقى على بروده واستطرد
انتبهي خلال سيرك 
رددت باستخفاف هازئ وأنا أشيح ببصري بعيدا عنه
لا تقلق لن أتعثر وأمزق طرف الثوب 
أسرعت في خطاي دون أن انتبه حقا لذيل ثوبي الذي علق في كعب حذائي وكاد يجعلني أنكفئ لكنه كان يقظا لحركتي المزعوجة فأمسك بي ليمنعني من السقوط قبل أن يأتي تعقيبه في نوع من التحذير المستتر
ألم أقل لك
صحت به في قنوط عابس بعد أن استللت ذراعي منه
أتقصد أني خرقاء
وقبل أن يضيف شيئا واصلت هجومي المتحفز مشيرة بسبابتي
أنت من دعست على طرفه لإيقاعي!
رأيت كيف نظر إلي بهذه النظرة الغريبة ولم أحبذ الاستمرار في مناطحته وتخيلت عن تذمري الزائد لأتنحنح مرددة بصوت متراجع
هيا لقد تأخرنا 
أشار لي لأتأبط ذراعه مجددا تحذيره
من جديد انتبهي لخطواتك
لم أنبس بكلمة ومددت ذراعي لأضعها في موضعها السابق وصوت دقات قلبي يلاحق خطواتي المضطربة 
على غير العادة قرر فيجو أن ننطلق بمفردنا في سيارتنا دون سائق يصحبنا في مثل هذه النوعية من الزيارات الرسمية لكننا كنا وسط أسطول من سيارات رباعية الدفع تحركنا جميعا معا وكأننا في موكب رئاسي مهيب يفصل بيننا مسافات قصيرة منتظمة احتفظت بصمتي غالبية الوقت لكن رأسي لم يكف عن التفكير أو التساؤل فكل الأمور باتت محيرة في الفترة الأخيرة ومشاعري لم
تعد مرتكزة على الكراهية والعداء بنفس القدر من القوة بل تناقص ذلك رويدا بدرجة جعلتني أتخبط ولم تبق كذلك على الحياد أو السلبية لقد حسمت أمرها
انتشلني فيجو من حلقة الصراع المحتدمة في رأسي حين مد إصبعيه بالإبرة تجاهي انتفضت في جلستي ونظرت إلى يده وهو يأمرني قبل أن أرفع عيني إليه
ضعي هذه في حقيبتك الصغيرة 
أخذتها منه وفحصتها بنظرة عابرة لأعلق بعدها ساخرة وأنا أضعها في حقيبة يدي الصغيرة
ظننت أنك نسيتها!
لاحت ابتسامة صغيرة على زاوية فمه وهو يخبرني بلطافة
وهل هذا يعقل فأنت نجمة اليوم 
عمدت سريعا إلى تغيير الموضوع وأردفت قائلة وأنا أبقي عيناي على جانبي من الطريق
أرى أنك اصطحبت جيشا معنا 
قال لي بجدية تامة
نحن ذاهبون إلى أعدائنا فمن الواجب أن نتخذ كافة التدابير اللازمة وأن نحتاط جيدا لأي غدر متوقع 
وترتني كلماته فسألته بتوجس بدا على ملامحي ونبرتي ونظراتي
وماذا عني
تطلع إلي في لحظة قبل أن يحدق في الطريق فأكملت التعبير عن مخاۏفي التي راحت تتصاعد
ما الذي سيحدث إن اكتشف أمري
وجدت يده تمتد لتمسك بكفي المسنود على حجري قبض عليه قليلا وأخبرني مؤكدا وهو ينظر تجاهي
لن أسمح لأحد بأن يصيبك بسوء ثقي بوعدي 
تفاجأت بتصرفه المراعي وقلت كنوع من مقاومة ما يختلجني الآن من اضطراب متعاظم
أعذرني تعلمت منك ألا أثق بأحد 
ثم سحبت يدي من أسفل قبضته لأدعي حاجتي لضبط مقدمة رأسي بها رعشة خفيفة نالت من بدني كأنما ضړب بي البرق حينما وضع يده علي مجددا ليطمئنني انكمشت في جلستي ونظرت إليه بتوتر ملحوظ فاستطرد بتسلية
مبهر أنت مستمعة جيدة لنصائحي ولهذا أنت مميزة 
أبعدت يده بلطف وسألته وأنا أجاهد لأبدو متماسكة
أهذا مدح أم سخرية
جاء رده صاډما على كافة المقاييس والأصعدة
إعجاب!
اتسعت حدقتاي في ذهول وانفرجت شفتاي لتسأله بغير تصديق
ماذا
انخطف قلبي مرة واحدة عندما وجدته يميل ناحيتي ليخبرني
الملهى يوجد هناك 
حبست أنفاسي في ترقب وهذا الصوت يتساءل في عقلي
ماذا به لا أصدق أنه يفعل بي ذلك 
في منطقة راقية للغاية امتازت بانتشار النوادي الخاصة برواد ينتمون لطبقة اجتماعية معينة غير عموم الناس بدأت السيارات في إبطاء سرعتها توقعت أن نقف عند المدخل الخاص بالملهى الذي أشار إليه فيجو من بوابته الأمامية كما يفعل البقية لكن انحرفت السيارات نحو طريق جانبي شبه معتم يعج بعشرات الأشخاص من ذوي الأجساد الضخمة والسترات السوداء حيث يقومون بحراسة وتأمين المدخل الخاص بالضيوف المميزين 
شعرت بانقباضة في صدري مع تلاحق نبضات قلبي لن أنكر أن إحساسي بالخۏف قد بدأ يتخذ دوره هو الآخر فما أراه الآن يوحي بحرب وشيكة 
ذكرتني هيئة المكان الجانبية بما عشته من تجربة غير سارة في طفولتي حين قتل ماركوس أثناء محاولة اختطافي لم أكن قد تجاوزت الذكرى بعد حتى طفا بعقلي ذكرى حاډثة جماعة الروس
دب الړعب بأعماقي واحتل الخۏف كل خلجات جسدي أحسست بالمزيد من موجات الذعر تجتاحني كلما أصبحنا أكثر قربا من المكان يبدو أن الظلام غطى على امتلأ به وجهي من أمارات الړعب انتفضت في فزع مرئي عندما أخرجني فيجو من شرودي المرتاع عندما قال بهدوء
هيا بنا 
ترددت في النزول وسألته دون أن أبذل أدنى محاولة لإخفاء هلعي
هل هذا هو 
أجاب نافيا
لا إنه تابع لأتباعنا المخلصين يمكن اعتباره مجازا بأرض محايدة 
سألته والتوتر يتجلى أكثر في عيني
هل مؤمن جيدا
قال مؤكدا بنبرة جادة للغاية
لم أكن لآتي بك دون أن أتأكد من سلامتك 
في لحظة ضعف حقيقية تخليت عن الحاجز الذي أضعه في علاقتنا واعترفت له بصدق وأنا أمد يدي لأضعها على عضده
فيجو أنا خائڤة حقا لن أدعي القوة أو غير ذلك لكني مذعورة للغاية 
تطلعت إليه بتوسل عاجز فرمقني بهذه النظرة الغريبة المتأرجحة بين النقيضين لينطق بصوت ثقيل كأنه يخوض حربا بداخله
كفى دلالا وهيا 
يبدو أنه لا مفر من مصيري المحتوم في هذا العالم المظلم سحب ذراعه من تحت يدي وهبط عن السيارة أولا بينما وجدت
 

تم نسخ الرابط