رواية منال كاملة

موقع أيام نيوز

جملتها هاتفة بإصرار
ها أنا قولت إيه عيب ده ضيفنا 
على مضض قبلت الهدية وقالت باقتضاب
شكرا 
ابتسم لها مرددا
العفو 
زفر سريعا وتابع
وتاني حاجة أنا كنت عرفت إنها وصاحبتها مش ناويين يكملوا التدريب للآخر 
هنا أوضحت بهاء السبب الرئيسي وراء ذلك بقولها المتحفز
بصراحة كده احنا اتبهدلنا أوي فيه ومش حمل
ضغوطات تانية 
رد عليها عمر في صوت هادئ محاولا إقناعها بالعدول عن رأيها
الصعب فات وحرام تضيعوا مجهودكم كله كده في غمضة عين بعد ما خلاص حققتوا نتيجة كويسة واللي فاضل مش كتير 
رمقته بنظرة غير مريحة خاصة عندما لم يمنحها الفرصة للرد عليه ووجه كلامه إلى عمها
ولا رأي حضرتك إيه
سكت الأخير مترددا ومع هذا نطق في النهاية بدبلوماسية
دي حاجة ترجعلهم 
بطريقة مراوغة حاول التأثير عليه فاستطرد
بس دعمك وتشجيعك إنهم يكملوا هيفرق معاهم جدا لأنها بتسمع كلام حضرتك 
يبدو أن فادية استحسنت ما يقوم به ذلك الضيف اللطيف فاتخذت صفه قائلة
ده إنتي عمرك ما استسلمتي يا بيبو 
نظرت إليها بهاء بغير رضا ومع ذلك تجاهلت عن عمد ما ترمي إليه لتضيف في عبثية محرجة لها
وبعدين هنكسف سيادة الرائد وهو جاي يزورنا أول مرة في بيتنا ده حتى عيبة في حقنا 
ضمت شفتيها بقوة مانعة نفسها من التعليق بما هو غير مستحب لكن ذلك الصوت المستنكر قد راح يردد في عقلها
ناقص يا طنط تنزلي باتنين ليمون وشجرة هي دي أعدة تعارف وأنا معرفش!
ما أنقذها من مواصلة النقاش في هذه المسألة رنين هاتفها المحمول نظرت إلى شاشته بتعجب فقد وردها اتصالا هاتفيا من رفيقتها ميرا كانت لا تزال على دهشتها وهي تردد مع نفسها 
دي من زمان ماكلمتنيش طب هي بتتصل ليه دلوقت
لحظتها ومض عقلها بفكرة سريعة لما لا تستغل هذه الفرصة وتنجو من هذا الموقف المحرج برمته لهذا لم تفكر مرتين وقامت واقفة لتقول متصنعة الابتسام
عن إذنكم في مكالمة مهمة لازم أرد عليها 
رمقتها زوجة عمها بهذه النظرة المستهجنة قبل أن تضغط على أسنانها متمتمة في تبرم
وده وقته!
تعللت بحجة اتصالها لتهرب قائلة ومبتسمة بسخافة
معلش هرد عليها وأرجع أوام 
أرادت تجاوز أمسية هذا اليوم العجيب بالابتعاد لبعض الوقت حتى تتمكن من التعامل مع ما يفرض عليها دون تعصب 
مكالمتها معها لم تكن بريئة مائة بالمائة ولا حتى بدافع الصداقة القديمة التي تجمعهما على مدار سنوات بل كانت مجرد مقدمة خفية للتمهيد لشيء طمعت في حدوثه في التو والحال فهمت بهاء نواياها اللئيمة من عتابها المصطنع
هو أنا لو ما اتكلمتش متسأليش خالص كده
ردت بفتور محسوس في صوتها
ما إنتي عارفة إني مشغولة الفترة دي في الأكاديمية والتدريبات و 
قاطعتها قائلة بتعصب
شوفتي الزفت أنس عمل إيه
اضطرت أن تصمت مرغمة لتصغي إليها وهي تستأنف صياحها
كان مسلط عليا واحد يمثل إنه بيحبني وهو بيشتغلني علشان يعلم عليا 
على عكس المتوقع لم تكن متفاجئة مما حدث فمن الطبيعي أن يحدث بينهما ذلك النوع من المكائد الخبيثة لأنهما كانا ببساطة يستغلان بعضهما البعض انتشرت في تعبيرات وجه بهاء علامات الاستنكار عندما هدرت بانفعال
أنا عاوزة أنتقم منه 
وكأنها لم تسمع جملتها الأخيرة من الأساس فسألتها في برود
طيب وأنا مالي
كان صوت ميرا أقرب للصړاخ وهي تخبرها
ما إنتي معاه في الأكاديمية بتاعتك دي اتصرفي وخديلي حقي منه 
زفرت بهاء الهواء ببطء لترد عليها بنبرة هادئة
بصي يا ميرا مشاكلك حليها بنفسك أنا ماليش دعوة 
في التو تحولت نبرتها للوم عندما صاحت
هي بقت كده يا بيبو مش إنتي صاحبتي الأنتيم والمفروض تقفي جمبي لما أحتاجك
أجابتها مؤكدة
أيوه وعندي استعداد أعمل أي حاجة علشانك إلا إني أتورط في حوار تاني يخص علاقاتك كفاية أوي المرة اللي فاتت 
لم تخل نبرتها من العصبية المفرطة وهي تنهي معها المكالمة
ماشي يا بيبو ابقي افتكريها 
توقعت أن تثور عليها لرفضها تلبية رغباتها ولم تكن نادمة على قرارها بعدم التورط فيما لا يخصها تنهدت مليا وقالت بملامح ممتعضة
ما
كفاية المرة الأولى هو أنا خلصت من توابعها أصلا!
حينما عادت إلى غرفة الصالون لم تجد الضيف بالحجرة فظنت أنه ربما خرج مع عمها للشرفة لاستنشاق الهواء ورؤية المنظر من الأعلى لكنها لم تجد أيا منهما فخرجت منها متجهة إلى المطبخ حيث تتواجد زوجة عمها وسألتها دون مقدمات
هو راح فين
في عبوس بائن على قسماتها أجابتها
استأذن ومشى 
هزت رأسها متمتمة بغير مبالاة
كويس 
اغتاظت فادية من برودها المسيطر عليها فوبختها
تعرفي إنك كنتي قليلة الذوق أوي معاه 
ضيقت عيناها باسترابة وتشكك فأسلوبها لم يكن مريحا وتساءلت
والمفروض أتعامل إزاي
بتحيز واضح أخبرتها
ده شكله حلو وابن ناس ومحترم ليه ياخد عنك فكرة إنك غلسة
أعطتها نظرة مفادها أنها لا تشعر بالارتياح لاستمرارها في التطرق لسيرته وعبرت عن ذلك بقولها
حضرتك مش ملاحظة إنك ما بطلتيش كلام عنه!
لم تخف نواياها الحسنة عنها فأفصحت في صراحة
أصله الصراحة فرصة حلوة لأي بنت إنها ترتبط بيه هو مش متجوز صح أنا بصيت في إيده ما شوفتش أي دبل 
في أغلب الظن كانت زوجة عمها تحاول التمهيد لخلق رابط من التجاذب بينهما فقطعت عليها السبيل لذلك الانسجام المرسوم فقط في مخيلتها بترديدها المستمتع
أنا رايحة أنام ومتشكرة على العباية كانت حلوة عليا 
وكأنها ذكرتها بما لفت نظرها فعنفتها
ما دولاب بنات عمك مليان حاجات حلوة ملاقتيش إلا عبايتي يا بيبو
جاء ردها
مستنكرا
هو أنا رايحة أقابل عريس 
لم تكمل باقي عبارتها إلا في رأسها
ما هو شافني في أسوأ حالاتي بكيس الژبالة!
تنبهت إلى فادية وهي مستمرة في عتابها
برضوه يا بيبو الانطباع الأول بيدوم 
أطرقت رأسها قليلا لتردد بصوت يعبر عن حرجها وبالكاد خرج من بين شفتيها
وأنا انطباعي معاه مليان بيض ونسكافيه وعجة وحاجات تانية!
تألقت النجوم في السماء المظلمة لتلألأ فيها بعظمة وجلاء فكانت تشاهدهم بلا ملل من خلف زجاج نافذتها وكأنها تسبح بعقلها في الأفق الواسع الممتد أمامها تنهيدة وراء أخرى تحررت من صدرها لتخفض بعدها بصرها ناظرة إلى الساعة الذكية التي تلقتها منه كبديل عن هدية زوجة عمها المعطلة تأملتها بهاء بتحير والعديد من الأفكار المتخبطة تدور في رأسها نفخت في سأم وتساءلت
هو طبيعي أني أفكر فيه بعد كل اللي حصل
ظهرت على تعبيرات وجهها تكشيرة مستهجنة وأخذت توبخ نفسها
أصلا ده ما ينفعش ومش منطقي 
أوصدت النافذة وأسدلت عليها الستائر لتسير نحو تسريحة المرآة تركت الساعة الذكية على سطحها الزجاجي بجوار قنينة العطر لتتجه إلى وخاطبت نفسها بحسم
هي فترة وهتعدي وهيتنسى ده كله 
استمرت على نفس الوتيرة المتشددة لتقضي في المهد على بذرة ما يتخلل مشاعرها
غلط إني أعمل كده ما جايز يكون مرتبط ليه أعشم بنفسي بوهم
وضعت الوسادة على رأسها وضغطت بها على وجهها مكملة تحذيرها الصارم لنفسها
إياكي تسمحي لنفسك تفكري في حاجة مش من حقك!
انتوت ألا تتساهل مع نفسها مطلقا إن تراخت وسمحت لعقلها بمواصلة التفكير فيه عقدت العزم على أن تكون حريصة تمام الحرص على ألا تتعمق في أي شيء يخصه ولتبقي مشاعرها وأحاسيسها المضطربة على السطح لئلا تقع في وهم الحب أحادي الجانب 
رغم أن يومه كان حافلا بالكثير من الأحداث إلا أنه لا يقارن بطرفة رؤية بهاء على هذه الوضيعة الساخرة فكلما تذكر تداركها لصدمة قيامها بإعطائه كيس القمامة بعفوية تتسع ابتسامته حتى تلبكها لرؤيته في منزلها وخجلها من مظهرها غير الأنيق أثناء استقبالها له واستنكارها لهديته المفاجئة بل وهروبها المفتعل من محيطه كان محببا إليه ويشعره بالسرور والراحة  
استرخى عمر في رقدته على فراشه متكلما دون صوت
أنا مشوفتش
زيها بصراحة 
مضى الوقت طويلا عليه وهو لا يزال شاردا في استعادة تفاصيل زيارته بكل ما حدث فيها كأنما يريد حفرها بعمق في ذاكرته للأبد فلا تمحى بسهولة وليظل مستمتعا بها دوما اعترف لنفسه في لحظة تهور عابرة 
وهي تستاهل إن الواحد يفكر فيها وما يسبهاش!
في موعد التدريب الأساسي بالأكاديمية كلتاهما كانتا تجلسان في مقعديهما المعتادين بالقاعة الدراسية وترتديان الزي الرياضي حسب الرسالة الإلكترونية المرسلة بضرورة الالتزام به في هذا اليوم برطمت بسنت في تذمر وهي تتلفت حولها كاللصوص وكأنها تخشى قدوم أحدهم لمباغتها بالأسلحة
أنا مش عارفة سمعت كلامك إزاي ووافقت أكمل 
تنهدت بهاء قبل أن تخاطبها بنبرة عقلانية
مقدمناش غير إننا نخلصه علشان ما تبقاش خسارة من كله فلوس ومجهود 
كانت غير مقتنعة بتبريرها وهمهمت بإحباط
وربنا احنا هنخسر صحتنا على آخره 
لفت نظرها الساعة الذكية التي ارتدتها حول معصمها فسألتها بفضول
الساعة دي جديدة ولا إيه
خفضت من نبرتها وهي تجيبها
ما أنا قولتلك إن عمر جابهالي مكان اللي اتكسرت وقت ما جه عندنا 
هزت رأسها معقبة
أيوه صح أنا تركيزي بقى صفر اليومين دول 
ما لبث أن انتفضت في جلستها كالمصعوقة عندما ولج عمر إلى القاعة ومن خلفه أنس وأمير ليستهل الأول حديثه مخاطبا الجميع 
صباح الخير 
لمعت عيناه بومضة غريبة عندما أبصر بهاء جالسة بين الحضور كان سعيدا للغاية لتواجدها بعد انقطاع لعدة أيام وكأن في ظهورها بهجة لذيذة ومن النوع المحبب إلى النفس بينما همهمت بهاء في خفوت شديد حينما رأته يتطلع إليها بهذه الطريقة المربكة لها
استر يا رب 
إلى جوارها دمدمت بسنت بصوت خاڤت وفي استياء مرتاع
هيجي منين الخير واحنا شايفينكم!
وقف الثلاثة متجاورين وبشموخ ليستأنف عمر كلامه بسلاسة
النهاردة عندنا حاجة لطيفة واثقين إنها هتكون مفيدة جدا ليكم على المستوى الشخصي وبعيدا عن النظريات المعتادة وروتين الدراسة  
ما إن سمعت بسنت ذلك حتى برقت عيناها في قلق واستطردت بتوجس
هما دول عندهم حاجة لطيفة ولا خفيفة ده كله ضړب في المليان!
وكأن قلبها قد تنبأ بما تخشى حدوثه فقد ظهرت من وراء الثلاثة شابة تبدو رغم هدوء ملامحها قوية العضلات قدمها عمر إليهم بعدما تنحى للجانب ليعطيها مساحتها للحديث
كابتن رشا النهاردة هتكون ضيفتنا في المحاضرة 
في رنة تفاخر أردفت رشا قائلة
شكرا ليك سيادة الرائد وحقيقي شرف ليا أكون متواجدة هنا في الأكاديمية 
تقدمت في خطاها لتمسح الجالسين بنظرة شمولية عامة قبل أن تتابع
طبعا حضراتكم أول مرة تشوفوني بس أنا المسئولة عن تعليم مبادئ فنون الدفاع عن النفس مش بس هنا لأ في أماكن تانية مهمة زي العمليات الخاصة 
بدا الجميع مصغيا بانتباه كامل لما تفوه به فانتشت لرؤيتهم على هذه القدر من الاهتمام وأكملت
من تقييمات التدريب الميداني الأخير تم استدعائي لتدريب حضراتكم وبمساعدة المتخصصين على المهارات الأساسية للفنون القتالية 
تولى عمر مهمة التوضيح عندما قرأ علامات الحيرة على وجوه الجالسين
ببساطة مطلوب من حضراتكم تتعلموا كام حركة بسيطة تساعدكم في حماية نفسكم وقت الخطړ 
ركز بصره على بهاء تحديدا حينما استأنف باقي جملته
تم نسخ الرابط