رواية منال كاملة

موقع أيام نيوز

الخوذات لتضعها على رأسها ووقفت إلى جوارها تسألها في قلق
بسنت مالك احنا كلنا جربنا وطلعت تحفة فعلا وأمان 
نظرت ناحيتها قائلة
أنا مش عايزة 
توسلتها برجاء
علشان خاطري 
هزت رأسها مبدية رفضها التام
لأ وسقطوني 
ثم خطت متراجعة للخلف فأسرعت بهاء بجذبها من ذراعها لتستوقفها عنوة التفتت بسنت تنظر إليها بتحير خاصة وهي تعتذر منها بغرابة
مش عايزاكي تزعلي مني 
ظل تعبير الاستغراب مرسوما على تقاسيمها إلى أن ضمتها رفيقتها إلى صدرها لټحتضنها قبل أن تقفز بها إلى الأسفل والأخيرة تصرخ في صدمة فزعة
يا لهوي!
ڠضبت منها لأنها أسقطتها رغما عنها بداخل الأنبوب الهوائي ورغم أنها لم تتعرض للأذى وكانت مثلما أخبرها الجميع تجربة آمنة ومٹيرة إلا أنها بقيت على ضيقها من رفيقتها فلم تتوقف عن الندب أو النواح وهي جالسة على مقعد معدني في زاوية المرأب مسحت بهاء برفق على ذراعها كنوع من الاعتذار لها وبسنت لا تزال تلومها
بقى إنتي تعملي فيا كده
ردت عليها بحذر
ما هو محصلش حاجة 
كفكفت دمعها بظهر كفها وهتفت
ده علشان ربنا عالم بيا 
جاء أمير ومعه زجاجة بلاستيكية بها مشروب بارد مد يده بها ناحيتها قائلا
اشربي اللمون ده يهديكي 
أشاحت بوجهها بعيدا عنه وهتفت بعناد طفولي
مش عايزة حاجة من حد 
خاطبها في لهجة لينة
ده ساقع وفريش خسارة ما يتشربش 
وقتئذ تخلت عن عزوفها المصطنع ونظرت إليه قائلة بملامح عابسة
هشربه علشان الجو حر بس 
ناولها الزجاجة هاتفا ببسمة لطيفة
وماله 
بعد لحظات جاء إليهم عمر وهو شبه يلهث سأله أمير بغموض
الدنيا تمام
أجابه بعد نفس عميق
الحمد لله كل حاجة ماشية زي ما خططنا ليها 
استحسن كفاءة الأداء مرددا
حلو أوي 
خدوا نفسكم وارتاحوا عقبال ما يجي الدور عليكم 
تصلب جسد بسنت وتساءلت والفزع يعاود الزحف نحو تعبيرات وجهها
الدور علينا في إيه
أعطاها جوابا مباشرا
جولة بالهليكوبتر 
لحظتها سقطت الزجاجة من يد بسنت لتصرخ فجأة
إنتو بتعملوا فينا كده ليه
تحولت الأنظار إليها فتابعت وقد انتفضت واقفة من موضعها
أنا بخاف من خيالي عايزني أطلع أنط من فوق الله الغني!
صحح لها اعتقادها الخاطئ
ومين قال إنك هتنطي إنتي هتشوفينا واحنا بنعمل محاكاة لعملية إنزال جوي 
في شيء من المنطقية ردت عليه
طب ما أشوفكم وأنا على الأرض مش هيجرى حاجة 
تضامنت بهاء مع مطلب رفيقتها واقترحت عليه
طالما مش حابة تطلع فوق سيبها على الأرض 
أعطاهما نظرة صارمة قبل أن يأمرهما
كفاية دلع واجهزوا 
ثم تركهما ليغادر باستعجال فتبعه أمير وهو يخبرهما
أنا رايح معاه 
استدارت بسنت لتواجه رفيقتها مدمدمة بغيظ
هو ده اللي تدريب نسمة مش هنحس بيه
بحذر واضح قالت
والله أنا زيي زيك 
عادت بسنت لتندب حظها في نبرة مالت للنواح
كان عليا بده إيه!
شعرت أنها ضئيلة جدا بل وضعيفة وخائڤة ومذعورة وهي تراقب من موضع جلوسها قفز هؤلاء الرجال الأشداء من هذه المسافة العالية من فتحة الطائرة الهليكوبتر واحدا تلو الآخر في استبسال يدعو للإعجاب الشديد لن تنكر بهاء أن عينيها كانتا لا تران غيره فراحت تراقبه وهو يملي أوامره على رجاله ليقوموا بإجراء عملية الإنزال الوهمية بكل براعة واحترافية 
حينما غير عمر مكانه ليصبح قريبا من مجموعة الشابات التي كانت ضمنها حبست بهاء 
احنا بنستخدم المروحية دي للتدريب تقدروا تقولوا عندنا فوق ال 300 مروحية على مستوى الدولة للتدريب وفي طبعا طائرات مقاتلة واعتراضية وهجومية ونقل عسكري ومهام خاصة 
ثبت نظره عليها فشعرت باضطراب أكبر في خفقات قلبها رغم أنه كان يتحدث بلهجته الجادة
طبعا الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية بيختلف لأننا بنستخدم المظلات مع الطرود الخشبية المقفولة ولازم المواد اللي ماتكونش معرضة للتلف لأنها بطبيعة الحال بتقع من ارتفاع شاهق ومحتاجة طيارين على درجة عالية من الكفاءة والدقة بحيث يضمنوا إن الطرد هيقع في مكان الإسقاط 
شتت عينيها عنه عندما سألته هذه الشابة المجاورة لها
ما ممكن الطرد ماينزلش في مكانه
الټفت ناظرا تجاهها وهو يرد
ده حقيقي نسبة الخطأ واردة لازم نقول ده كمان بس احنا بنسمي رجال المظلات بإنهم رجال المهام الصعبة 
في شيء من الجراءة
اقترحت إحداهن
هو احنا ممكن ننط من هنا
أجابها بلا ابتسام
تقدري مع حد محترف بس زي ما قولت محتاجة تأهيل قبل ما تخوضي التجربة 
من أبعد نقطة عن فتحة المروحية صاحت بسنت وهي متشبثة بحزام أمانها
أنا عايزة أنزل على الأرض 
أدار عمر رأسه تجاهها ليخبرها
احنا قربنا نخلص الجولة 
من جديد تكلمت إحدى الشابات في ميوعة مستترة
بجد يا سيادة الرائد هنفتقدك جدا بعد التدريب ده كان حقيقي ممتع بيك 
تعامل مع أسلوبها برسمية فاقتضب في رده قبل أن يتحرك مبتعدا
شكرا 
استوقفته إحداهن تسأله في شيء من الوقاحة
هو احنا ممكن ناخد رقمك 
منحها نظرة ڼارية فعدلت من حديثها
قصدنا يعني بحيث نتواصل معاك لو وقفنا في حاجة 
أشار عمر إلى أذنه مردفا
معلش مش سامع علشان الدوشة خلينا نتكلم لما نهبط بأمر الله 
وانتقل بعدها إلى موضع الطيار في الأمام للحديث معه فأخذت هذه الشابة تتدلل بتنهيدة متشوقة
سكر أوي أنا بحضر التدريب ده علشانه 
ردت عليها أخرى بنفس اللوعة
وأنا كمان 
للمرة الأولى شعرت بهاء بالغيرة الشديدة جراء حديثهما اللعوب عنه لم تعد تحتمل هرائهما فصړخت فيهما بصوت منفعل استغربت نفسها منه
ما كفاية كلام بقى وادعو ربنا نوصل بالسلامة 
نظرت كلتاهما إليها بتعجب واستطردت إحداهما معقبة بتأفف
مالها دي!
وقتئذ أدركت أن ثمة شيء فيها انجذب لا إراديا إليه ومع ذلك حاولت استنكاره بترديدها بين 
يتبع الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر
رغم انشغاله بمتابعة كل شاردة وواردة تخص جميع دارسيه إلا أنها بقيت على قائمة اهتماماته فظل يراقبها خلسة متابعا عن كثب ردات فعلها تجاه تصرفات الشابات المتجاوزات مؤخرا في معاملتهن معه حرص تمام الحرص على أن يبدو صارما ملتزما في تعاملاته لئلا يفسر تصرفه بشكل خاطئ ومع هذا لم تتوقف الشابات عن ممارسة حيلهن المكشوفة له لاستمالته حقا لو كان أنس في محله لانتشى واستمتع بما يقدم له على طبق من ذهب غير مكترث بجرائر انسياقه وراء أهواء النفس  
انحدرت المروحية بتباطؤ لتستقر على المدرج وصياح بسنت مسموع للجميع
يا رب أنا لسه صغيرة مش عايزة شبابي يروح هدر 
ضحكت الشابات على ما تقوم به من تصرفات خرقاء ووصفن إياها بالشابة البلهاء المحبة للفت الأنظار لكنها لم تعبأ بهن بينما دافعت عنها بهاء في تعصب
لو أي واحدة في مكانها طبيعي هتحس كده 
ردت عليها إحداهن في تأفف وهي تهم بالخروج من باب المروحية
بس مش بالأفورة دي 
اتخذت موقفا دفاعيا صارما عنها بقولها المتحيز
مالكوش دعوة بيها إنتو شاغلين بالكم بيها ليه
قالت أخرى في استحقار
أصله باين أوي إن اللي بتعمله fake وكل ده علشان هي عايزة تخلي كل الظباط حواليها 
ضحكت ثالثة مضيفة في استهزاء
ما هما بيحبوا اللي تبات ضعيفة ومحتاجاهم 
اغتاظت بهاء من تحاملهن على رفيقتها فأشارت إليهن بأصابع الاتهام
كفاية اللي إنتو عاملينه ما إنتو الصراحة مقصرتوش
كلماتها بدت مستفزة لإحداهن فسألتها في نبرة هجومية
بتقولي إيه وضحي كلامك!
لم ترغب بهاء في إثارة أي نوع من الفضائح لهذا أثرت التراجع عن حدتها وقالت بسخافة
إنتو جامدين أوي هي لأ 
من ورائها أهانتها أخرى بطريقة فجة
سيبكم منها ما هما معروفين إنهم المهزقين بتوع التدريب ده 
كادت أن ترد عليها لولا أن ظهر عمر في محيطهن ليتساءل بصرامة
إنتي بتتكلمي عن دول
تجمدت عينا بهاء عليه فرأت كيف قست تعابير وجهه واحتدت نظراته خاصة والشابة تحاول التبرير
أنا 
قاطعها في غلظة
اعتذريلها فورا وإلا هتطلعي برا التدريب 
على مضض برطمت وهي تنظر إلى بهاء بحنق
سوري 
صاح عمر محذرا في صوت قوي جهوري
مش مسموح نهائي إن حد يغلط في التاني 
لم تعقب أي واحدة بشيء فواصل حديثه الصارم
ومش معنى إنكم قادرين تتحملوا الضغط يبقى الباقي زيكم في حاجة اسمها فروق فردية وقدرات 
انعكس الحرج على محيا الشابات فأكمل
والمفروض تحترموا الاختلاف بينكم ده لو فعلا جايين تتعلموا 
اعتذرت منه إحداهن محاولة البحث عن حجة مناسبة لتبرير رعونة تصرفهن غير المحايد
سوري يا سيادة الرائد احنا منقصدش حاجة بس هي كانت مأفورة حبتين والموضوع مش مستاهل 
أعطاها نظرة قاتمة قبل أن يقول
ده بالنسبالك لكن هي لأ!
لم ترغب بهاء في سماع المزيد شعرت بالحرج الشديد من الموقف برمته لذلك تراجعت بخفة نحو الجانب الآخر لباب المروحية لتساعد رفيقتها على الهبوط لفت ذراعها حول كتفيها لتسندها قائلة
تعالي يا بسبوسة 
ما إن لمست قدماها الأرض الصلبة حتى هللت فرحا
أخيرا احنا على الأرض أنا مش مصدقة نفسي 
كانت تبدو خائرة القوى غير متوازنة الحركة فطلبت منها بهاء الاتكاء عليها ومحاولة السير باتزان لكنها أخبرتها
مش
قادرة مفاصلي سابت من بعضها 
شعرت بهاء بثقلها على كتفيها وعجزها عن مساعدتها دون أن تتعثر فأخبرتها
طب ما ترميش حملك كله عليا أنا مش عارفة أمشي خالص 
قبل أن تتذمر عليها بسنت ظهر أمير من ورائها ليقول بغموض مربك لكلتيهما
عنك 
تفاجأت به يسحب ذراع رفيقتها من على كتفيها ليقوم بحملها بين ذراعيه فتذمرت بسنت في ذهول خجل للغاية
إنت بتعمل إيه
نظر أمامه قائلا بغير مبالاة
السكة طويلة شوية وهي مش هتقدر تسندك 
من وراء كتفه نظرت
بسنت إلى رفيقتها تتوسلها في حرج بالغ
بهاء الحقيني 
هزت كتفيها مبدية عجزها عن مساعدتها وتمتمت بابتسامة خجلى
أنا عايزة اللي يشلني!
استقر الجميع بعدما هبطت المروحية الأخيرة في مبنى الخدمات المحلق بالقاعدة الجوية حيث تتوافر به كافيتريا رئيسية تقدم للزائرين كافة ما يحتاجون إليه كانت غالبية الشابات مجتمعات حول عمر يتحاورن معه بألفة ومودة زائدتين عن المعتاد ولما لا وقد أوشك التدريب على الانتهاء تماما وهن بحاجة لتوطيد الصلات به لعل وعسى تظفر إحداهن به كخطيب مستقبلي محتمل!
على مائدة دائرية صغيرة تكفي لفردين جلست بهاء ومعها بسنت معزولتين عن الجميع لكون الأخيرة تعاني من اضطرابات وتقلصات بالمعدة جراء معاناتها من تبعات رحلتها الجوية ففضلت الجلوس بعيدا عن أي صخب لئلا تثير الفضائح في حالة ازدياد وثيرة شعورها بالغثيان وتصاعد سوائل معدتها للأعلى وخروجها على هيئة قيء وما أقرب حدوث ذلك! بدت سحنتها منقلبة للغاية ونظراتها شبه زائغة ولم تكف عن الشكوى لرفيقتها فاستطردت بلوم صريح
لو قولتيلي تاني في أي تدريب في أي حتة أنا مش هعرفك كفاية اللي حصل طول اليوم 
نظرت إليها بهاء في صمت ليس لأنها غير قادرة على الرد عليها بل لكون عقلها مشغولا بالتفكير في أمر بعينه وشعورها بالضيق يتعمق في وجدانها استمرت بسنت تخاطبها على نبرتها اللائمة
بجد أنا جسمي ساب من بعضه وبطني قالبة عليا لأ والتاني جاي يجامل ويشلني هيتقال عني إيه أكتر من كده
ضغطت بهاء على شفتيها متمتمة وعيناها تتجهان تلقائيا
تم نسخ الرابط