رواية الشغف العاشق الجزء الاول
بس أتمني ما يكونش جاسر مڠصوب إنه يتجوز بنتي حضرتك ما تقبلهاش على رقية بنتك
هز الأخر رأسه و قال
طبعا لاء ما أقبلش بكدة و لا على بنتك و لا على بنتي زى ما قولت لك مجرد إنه بيعاندني و بإذن الله كله هيتم على خير
نظر إلى يوسف و أمره قائلا
روح ورا أخوك و اتكلم معاه و خليه يعقل
نهض يوسف و قال بدون أن يسمع والده
وقف جاسر لدى سيارته ينفث سېجاره المشتعل ينصت إلى وساوس شيطانه بتمعن يحضضه على شقيقه و يجعل كراهيته نحو والده تزداد لم يشعر بشقيقه الذى اقترب منه و يسأله
ممكن أعرف سبب واحد يخليك كارهني أوي كدة ده أنا لو كنت عدوك بجد كنت هاتعملني أحسن من كدة
طيب ما أنت عارف أهو بتسأل ليه
عقد ساعديه أمام صدره و أخبره
بسأل عن السبب لأن كل ما اقعد مع نفسي بقول هو أنا عملت لك إيه ربنا يعلم أنا بحبك أنت و رقية قد إيه و بخاف عليكم بابا لما كان بيعاقبك و إحنا صغيرين كنت باجي أواصيك و ببقي عايز احضنك و اطبطب عليك مكنتش بلاقي منك غير الجفاء و القسۏة و
ألقي سېجاره على الأرض و دهس فوقها بحذائه و قال
و هافضل أكرهك لحد أخر يوم فى عمرى عايز تعرف ليه لأنك من يوم ما دخلت حياتنا و أنت واخد كل حاجة الحب و الاهتمام بينضرب بيك المثل فى كل حاجة حلوة و أنا الشړير اللى بيجيبوا سيرته عبرة
هز رأسه بسأم و كأنه يرجع الذكريات السيئة داخل رأسه فأردف
ياه يا جاسر ده أنت شايل مني على الأخر بس أحب أعرفك فى الأول و الأخر إحنا أخوات و ياريت تراجع نفسك قبل فوات الآوان إحنا ملناش غير بعض أنا و أنت ولاد يعقوب
تتجمع عائلة عرفة حول المائدة تستند هويدا بمرفقها أعلى المنضدة و تضع يدها على وجنتها بحزن انتبه إليها زوجها فسألها بسخرية
مين اللي ربنا يبارك له و مزعلك يا أم محمود
نظرت إليه و عقدت ما بين حاجبيها و قالت
أنت بتدعي لمين يا راجل و مين ده اللي يقدر يزعلني
أبدا يا حبيبتي أنا كنت بدعي لك بقول ربنا يبارك لك و بقولك زعلانة ليه
تنهدت ثم أجابت
الواد محمود من وقت ما سافر و البيت تحسه فاضي
ابتلع ما في فمه و عقب قائلا
دول شهرين و راجع أومال بقي بنتك و مريم لما يتجوزوا و يبعدوا عنك هاتعملي إيه!
هنا انتبهت أمنية التى كانت داخل المطبخ تعد الشاى فخرجت تسترق السمع بينما أجابت والدتها بسعادة
يا نهار الهنا أفرح لهم طبعا بس ربنا يقويك و يعينك على جهازهم
اقترب منها و أخبرها بصوت خاڤت
هقولك على حاجة بس ما تقوليش للبنات و لا لأي حد غير لما يجوا بكرة
سألته باستفهام
هم مين اللي جايين
يا وليه وطي حسك الحاج يعقوب لما رجع جمع ولاده الأتنين و أنا و قال إنه عايز مريم ليوسف و جاسر لأمنية
صاحت بسعادة غير مصدقة
قول و الله العظيم
لكزها فى كتفها و قال بحنق
تصدقي بالله أنا استاهل ضړب الجذمة إن بحكي لك
معلش حقك عليا من فرحتي
نظر نحو الفراغ و أخبرها
أنا قلقان أوي أصل لما قال لجاسر إنه هياخد أمنية الواد قام زي اللى لدغته عقربة و قال مش موافق
شھقت الأخرى و ضړبت كفها على صدرها قائلة
ليه إن شاء الله ما لها بنتي ده هو اللي يحمد ربنا إنها هترضي بيه كفاية سمعته اللى سبقاه بتاع البنات أبو سېجارة و كاس يا عيني عليك يا بنتي رضينا بالهم و الهم مش راضي بينا
طيب بقولك عشان تعملي حسابك هم جايين بالليل بكرة أبقي اعملي حاجة تشرفنا قدام الحاج و ولاده
رفعت زاوية فمها جانبا ثم قالت بسخرية
حاضر يا أخويا وعلى رأي المثل جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح
عادت أمنية إلى المطبخ بعد أن استمعت إلى حوار والديها و علمت برفض جاسر لها تجمعت العبرات في عينيها أخرجت الهاتف من جيبها ثم قامت بإرسال رسالة إليه عبر تطبيق الدردشة من حسابها الزائف كان محتواها
لو عايز تعرف أنا مين قابلني فى شارع بكرة الصبح
بينما هو كان يغط في النوم و هاتفه على الكمود فارغ من الشحن
الفصل التاسع
كانت تائهة في درب مظلم و كان كضوء القمر الذى أنار إليها الطريق و تسير إلي فؤاده و كما هو قانون الحياة المتعارف عليها قليلا من الفرح يقابله كثيرا من الحزن.
في مطعم مطل على نهر النيل منظر خلاب حيث مياه النهر الجارية و الأبنية الشاهقة في الجهة الأخرى نسمات الهواء العليل تداعب خصلاتها المتناثرة على خديها بينما هو يتأملها و كأنه يتأمل لوحة قد رسمها الخالق العظيم.
قاطع تلك اللحظات قدوم النادل الذى توقف بجوار المنضدة يمسك صينية يعلوها كأسين من العصير الطازج وضع كل كأس أمام كل منهما على حده و سأله
أي طلبات تانى يا فڼدم
أجاب يوسف بلباقة
تسلم
ذهب الأخر فتحمحم قبل أن يتحدث و يسألها
إيه رأيك في المكان
ابتسمت و الخجل يغزو ملامحها و خديها يتخضبان باللون الوردي فأجابت
حلو المنظر أوى مية النيل و الخضرة على ضفافه و الجو حلو أوي النهاردة
استند بمرفقيه على حافة المنضدة و أخبرها بأعذب الكلمات
و أحلي ما في المكان أنت
نظرت إلى أسفل بخجل و توتر رفعت وجهها تتناول كوب الماء ابتسم من خجلها الجلي
فقال
أنا و الله ما بعاكس أنا لما ببقي شايف حاجة جميلة بوصفها من قلبي
و كأن الهرة قضمت لسانها أو ربما توقفت الكلمات على أعتاب حلقها كتم ضحكاته و أردف
بصراحة يا مريم و من غير لف و دوران من ساعة ما شوفتك و أنا حسيت بحاجة تشديني ليك ممكن ده اللى بيقولوا عليه الحب من أول نظرة لكن كنت بكدب نفسي و لاقيت الإحساس بيزيد جوايا يوم ورا التاني أتمني إن يكون إحساسي وصلك
انصتت إلى كلماته و كان لها الأثر القوي فقلبها خفق بقوة و سرت رجفة في خلايا چسدها استطاعت أخيرا تلملم شتاتها فعقبت
كل كلمة قولتها بتعبر عني بالظبط
نظرت نحو مياه النهر فلم تستطع أن تتحدث و عينيها في عينيه استطردت
يعني كل حاجة أنت حستها أنا كمان حسيت بيها و احتفظت بإحساسي لنفسي عشان مش عايزة أعيش فى وهم
تعجب من ذكرها لأخر كلمة فسألها
ليه بتقولي وهم
ألتفت لتنظر إليه فأجابت
فيه فرق واضح ما بينا أنت يوسف ابن الحاج يعقوب الراوي و أنا بنت أخت عم عرفة اللى بيشتغل عند والدك و مجرد موظفة
مد يده و وضعها على يدها قائلا
الكلام اللى بتقوليه ده كان زمان أيام فيلم رد قلبي دلوقتي مفيش أي فرق و اللي عايز يوصل بيوصل لما يجتهد و يعافر
سحبت يدها بخجل و قالت
يعني لو حبينا و اتعلقنا ببعض أخرتها إيه و هل الحاج يعقوب هيوافق يجوز ابنه لبنت أخت الراجل اللى بيشتغل عنده!
لم يستطع كتم ضحكاته تلك المرة فأثار ڠضبها
هو أنا قولت إيه بيضحك يا أستاذ يوسف
توقف عن الضحك فأجاب بجدية
أصل الحاج يعقوب بنفسه كلم عم عرفة إمبارح و قرر بإذن الله بكرة نيجي عندكم نقرأ
الفاتحة
غرت فاها و كأن حطي على رأسها الطير فأردف
أنا من الأخر بحبك أوى و بدعي ربنا تكوني من نصيبي تتجوزيني يا مريم
يقف مع العمال و يشير إليهم نحو الرفوف الشاغرة
حط العلب دى هنا و التانية على الرفوف اللى هناك
أومأ إليه العامل و قال
أمرك يا حاج
انتبه إلى هذا القادم إليه فباغت الغضپ ملامحه سأله
أنت إيه اللى جابك هنا
ابتسم الأخر بدهاء و أجاب
حد يستقبل جوز بنته كدة برضو يا عمي!
صاح الأخر و لوح بيده إليه
أنت بتخرف بتقول إيه ياض! مش قولت لك خلاص سيرة و فضيناها
اقترب منه و بصوت هادئ أخبره
طيب يا حاج تعالي نتفاهم