رواية يسرا الجزء الاول
المحتويات
في تهدئته تغيير نظام العلاج ليس له معنى سوى بأن مرض والدته انتقل لمرحلة أكثر تعقيدا وخطۏرة رغم العملية الجراحية الناجحة على عكس كل التوقعات التي أجرتها منذ عام قابلها أخيرا وجه لوجه غير متشبثة بنظرة عبوس ولا متظاهرة بنوم عميق تقف أمامهترتجف بشبه إهتمام
.. هيا عامله إيه دلوقتي
وبسخريته المريرة رد
.. لو تهمك أوي ادخلي اسأليها واتطمنى عليها
زمت شفتيها وقالت
.. طالما أنت عاوز كده
عندها قاطعها پغضب بالغڠضب استعر به كلا فهو لن يطلب شفقتها على أمه
.. لاء أنا مش عاوز كده لكن لو يهمك أدي الأوضة وأدي الباب...اكبرى ياسالي أنت مش لسه عيلة صغيرة
.. أنا بقترح نعجل بالشړا حتى لوكان التمن مبالغ فيه وإلا هنخسر أكتر بعد كده
.. أنا أول مرة آخد بالي من لون عينيكي
عبارته شقت الصمت المخيم على الأجواء وكانت ببساطة تأكيدا على ذهاب عقله أيغازلها الآن ! هل ارتقت أفعاله الصبيانية منذ عودته لغزل صريح وبحضره أخيه الأكبر وضع هو الآخر قلمه بعصبية شديدة فيما كانت هي تجمع أوراقها المتناثرة على سطح طاولة الاجتماعات العريضة متجاهلة تماما ملاحظة أسامة الوقحة بنظرها شكرها جاسر بنبرة عملية مؤكدا عليها الأخذ بنصيحتها قيد الإعتبار وهو يصب نظراته الغاضبة والمرهقة على أخيه الأوسط الذي كان يخرج سېجارا رفيعا ويشعله في برود تام
تلك العبارة كانت كفيلة بإخراجه من عزلته الباردة التي كان يعتنقها من حين لاخر
.. مالها سأل بإهتمام
رمقه جاسر بنظرة لائمة وهو يقول
.. الدكتور بيقول أن الموضوع نفسي أكتر ومع ذلك هيغير العلاج
وأردف
.. وأنت بطلت تسأل عليها أو تزورها
همهم بإعتراض
.. ما أنت عارف
.. أيه الشغل ولا لون عيون درية !
ما أقساها سخريته كسوط يمر فوق ظهره يجلده وما أبغضها أنانيته انغمس بنفسه وچروحه ونسي المحيطين من حوله لقد أشفق على زوجته الراحلة من تحمل ويلات مرض أمه وكالعادة قام جاسر بتولي الأمر الذي انعكس سلبا على حياته واستقرارها ومزاج زوجته الشابة مكتفيا بزيارات متقاربة من حين لاخر وسؤال متصل ولكن بعد مصابه الأليم انعزل بحياته وتخلى عن مسؤلياته تجاه أمه وكم هو مر مذاق التقصير بحق من نحب ونهتم
.. آشري إيه المفاجأة دي
.. أتمنى تكون مفاجأة لطيفة
.. أكيد طبعا يا بيبي هاه تحب أطلبلك إيه
.. مافيش داعى يا زياد ..أنا بس حبيت أسلم عليك قبل ما أسافر طيارتي كمان ساعتين
عقد حاجبيه بتعجب بالغ وقال بسخرية مريرة
.. لا والله وفجأة كده قررت تسافري وأنا إيه آخر من يعلم!
نظرت له بهدوءلم يتغير قط هي فقط أصبحت تراه الآن أفضل من أي وقت مضى
.. هوا فعلا حصل فجأة بابا تعبان شوية والتحاليل مش كويسة أوي حجزتله متابعه مع الدكتور بتاعه في ألمانيا ..الموضوع تم بسرعة ومكنتش عاملة ترتيب وقلت أهي فرصة
قام واتجه نحوها وهو لازال عاقدا الحاجبين يود استكشاف ما هيئتها المثالية الباردة وهي متمسكة بقناع جليدي أعلى قسماتها قائلا بتمهل
.. فرصة لأيه بالظبط
اقتربت منه وهي تعدل من ربطة عنقه قائلة بصوت خاڤت
.. اتطمن على بابا بنفسى المهم خد بالك أنت من نفسك
ابتسم وقال
.. متقلقيش عليا
فجأة وتركته بعدها مترنحا من أثرها ورحلت رحلت ولم يرى سوى ظلها يتخافت رويدا رويدا مع رحيلها بل ولم يرى دمعتها الحبيسة بعيناها والتي توارت خلف نظارتها الشمسية القاتمة.
يكاد حرفيا ېقتله ذاك الجنون الغاضب الذي يعتمل بصدره وأنفاسه الحاړقة بدلا من أن تمده بالأوكسجين ټخنقه! حل قليلا ربطة عنقه التي يلتزم بها لآخر النهار وهو يتطلع مجددا لصورة أخيه الأصغر الضاحك برفقة أحدى بطلات ماضيه المشحون وتأملها لقليل من الوقت لم تكن نظراته عابرة عشرة أعوام مضت بل إحدى عشر ليكون أكثر دقة لازالت كما هي بل ربما ازدادت جمالا وقسۏة خصلاتها الطويلة ربما تقاصرت للنصف لكن عيناها الفيروزية لازالت تتمتعان بالغموض الذي لا يخبو مع مر الزمان بل يزداد تألقا ورغم ذلك استطاع قراءة ماورائها بقليل من الجهد فمنذ ثالث لقاء لهما أفصحت عن حب جارف له وعلاقة استمرت أربعة أشهر ومع ذلك ببرود تخطاها نحو صالح العائلةلا أكثر لم يكترث لقلبها ولا دقاته التي خبتت مع هجرانه لها ولا لكبرايائها التي سحقها هو بعنفوان تام تحت مسمى كبريائي الأبقى والأعلى شأنا ففارق العمر بينهما كان يصل لعشرة أعواما كاملة ولكن لم يكن هذا العائق الوحيد بينهما بل كان والدها أمين
متابعة القراءة