رواية يسرا الجزء الاول
المحتويات
الحارة ثم قالت بصوت لاجدال فيه
.. وبعديها إحنا لازم نتكلم
بوجه جامد المعالم فقير التعبير جلس إلى جوارها يراقب الطريق بأعين سوداوية فقالت متأففة
.. محسسني أنك رايح لأجلك
فابتسم هازا ملتفت لها
.. كالعادة بتبالغي في إحساسك بقيمتك
فقالت بعند
.. أنا فعلا قيمتي عالية ولا أنت مش حاسس بكدة
.. أكید یا داليا وإلا مكناش اتجوزنا
فقالت بدلال
.. لسه متجوزناش وخد بالك لأحسن أضيع منك
فقال ضاحكا
.. وتضيعي إزاي وأنت جمبي في العربة وبينا وبين القصر أمتار
قالت بغموض
.. متكونش واثق أوي كده الحياة زي مابتدي فجأة بتاخد فجأة
نظر لها نظرة تقيمية جديدة في عرف جاسر سليم ثم قال
أمسكت بكفه بقوة وقالت بأنفاس واثقة وهي تحدق بعيناه
.. جاسر أنا جوايا حاجات أكتر بكتير من اللي في بالك وواثقة أي هشوف منك أكتر من اللي في بالي بس أنا مستعدة لده وشغوفة بيه اللي بيزعلني أن أحس أنك مش مهتم وكأنك محيت فعلا كل المشاعر الحلوة اللي كانت بينا
.. وصلنا على فكرة
ترجل من السيارة الفارهة ولف حولها ليفتح الباب لعروسه التي سارت متبطأة ذراعه رفع رأسه ليواجه ضيوف الحفل ولكن أنظاره لم تكن متعلقة بسواها تقف بشموخ تطالعهم بنظرات خاوية كفيها متدليان على كتفي صغارهما لا يعلم أتستمد منهم قوتها أم أنها تلقي بظلال حمايتها عليهما جسدها عاد ليزدان ببوادر رشاقة ملفوفا بثوب کریمي مطعم بأحجار على شكل ورود قرمزية اللون ومن يتهم الرجال بضعف الذاكرة وعدم ملاحظة التغيرات التي تصيب نسائهم وأنهم لا يستطيعون تمييز ما ترتديه زوجاتهم فهو المخطىء إذ أنه تذكر ذاك الرداء فهو من ابتاعه لها لحفل خطبتهم عقد حاجبيه وداخله يشتعل پغضب ولوم وغيرة لا تفسير لها تقدم بعروسه نحو الدرجات الرخامية حتى توقفت خطواته عندما توقفت خطوات رفيقته التي خلعت زهرة بيضاء من خصلات شعرها وثبتتها برأس الصغيرة سلمی بأنامل مرتعشة فتقبلت سالي حركتها المستفزة بهدوء تام وهي تثبت الزهرة خلف أذن صغيرتها وأمرت صغارها بمصافحة العروس ثم قالت ببرود وهي تراقب خجلات زوجها المرتعشة على غير عادته
هزت داليا رأسها ونظرت لغريمتها أو بالأحرى ضرتها المستقبلية وهي تقر بإعتراف داخلها أنها لم تقدرها حقا قدرها وردت بهمس رقيق
.. ميرسي الموقف المتوتر والذي كان ينذر بإشتعال كما كان يتمنى البعض مر بسلام إذ أنها كانت دقائق معدودة وجلس المقربون جدا من العائلتين بصالون القصر الواسع وهم يستمعون لديباجة الشيخ وهو يتمم عقد القرآن كانت تدور بعيناها وتتنقل بين وجوه الجميع وجه حماتها متصلب ينذر بلعڼة ستطیل تلك ال داليا ولا محالة آشري والدموع المترقرقة بعيناها وهي تنظر پغضب لزياد الذي كان يجاورها متغافلا بقصد ربما عنها وهو شارد بأنظاره نحو أخيه الأكبر أسامة الذي حضر أخيرا وهو متشح بالسواد ببذلة ليست برسمية وكانت نظراته بنفس القتامة وكأنه جاء ليحضر عزاءا وليس زفافا ورجلان آخرين والسعادة تشع على محياهما كقريبتهما التي كانت تردد كلمات لا تقدر بثمن وراء الشيخ وأخيرا زوجها المتصلب الهارب بنظراته حتى من عروسه الجميلة فكره وعقله منصرف بالكامل عن الجميع أنظاره متركزة على الشيخ يخط بقلم حاد الإنحرفات قائم الزوايا بحروف اسمه فوق عقد الزواج وانتهى المشهد وزفرت الأنفاس بعضها إرتياحا والآخر كان خيبة إلا أنفاسها التي كانت تتوق لتلك اللحظة منذ بداية اليوم لتقول بصوت قوي قاتم قاطع لتلك الزفرات مشتتا لتلك الراحة مختزلا لتلك الخيبة الايقبل النقاش أو الجدل أو حتى إعادة التفكيير ولا الرجعة
وأصابت أنظاره المصډومة مرماها أخيرا ومرساها إذ تعلقت بقسمات وجهها من علياء وصمت لف الحجرة بإحكام حتى خنقها والأنظار متصلبة بين الاثنان والأنفاس محتبسة وقام ليواجه فليس من شيمته التقاعس والڠضب بشياطينه اجتمعا فوق رأسه تطلب الإنفصال عنه أمام ذاك الجمع الغفير تثبت للجميع أنه فشل فشل بإحتواء زوجته وضمان موقفها ومباركتها كانت زيفا لقد خدعته على مدار تلك الأيام الماضية كانت تتوارى بظلال هروب وخنوع وهي تدبر للتخلص منه كانت تخطط لهذا المشهد منذ أن صارحها بقراره لتضعه بين شقي الرحی إما أن يتخلى عنها أو يعلن رفضه ويعلن معه ضعف جاسر سليم أمام إمراة أكان ذلك إنتقامها منه يستجدي بقائها إلى جواره يرجوها عدم الرحيل والتفكير بالأمر مرة أخرى تنتظر منه ركوعا وخنوعا أمام أعين القريب والغريب ولكنه مع ذلك أجبر نفسه للتغاضي عن تلك المشاعر والأفكار السوداوية التي أصابت رأسه نعم هو لم يكن من يخنع ويركع لأمرأة قط ولكنه كان ليساوم ويجبرها عن التراجع وصوته الجامد أعلن
تلك الكفة الرابحة الكفيلة بإعادة الميزان لاعتداله وربما أكثر قليلا نحو صالحه ولكن سوء الحظ كان رفيقة وتلك المساومة خيبت رجاءه بنتيجتها التي أعلنت على
متابعة القراءة