رواية يسرا الجزء الاول
المحتويات
لسه مموتش
فهدأت خلجات جاسر واستكانت وتمتم قائلا
.. آسف
فأردفت سوسن بهدوء
.. رقم اتنين أنت اللي طلقت
هم بإعتراض ولكنها رفعت يدها لتوقف تسرسل الكلمات من بين شفتيه
.. أيوا أنت الست تطلب الطلاق مرة وعشرة وعشرين إنما ربنا خلى الراجل اللي بأيده الطلاق ومراتك طلبتها مرة وأنت متنتهاش
فهتف جاسر غاضبا
.. قدام الناس . . .
فقالت أمه مستنكرة
.. ما أنت اتجوزت عليها قدام الناس
رد جاسر هازئا
.. رقم واحد بعد ماقولتلها وهيا مرفضتش ولا اعترضت رقم اتنين حقي
أغمضت سوسن عيناها فابنها لازال غارقا بوحل الكبرياء الأعمى لازال لايستطيع رؤية بأي هوة استقر جراء عناده ثم فتحتها وقالت
ابتعد جاسر بأنظاره عنها ومشهد تلك الليلة العصيبة التي مر بها منذ ثلاث سنوات عاد ليحيا من جديد مشهد لسهيلة تحت الأمطار وهي تصرخ پجنون لكي ترى وليدها الوحيد الذي كان يراقبها وجلا من خلف النافذة العريضة بغرفته فخرج لها جاسر ليراها مترنحة ببقايا خمر ومخدر فسبته بأقذع الشتائم فنهرها وأمرها أن تبتعد پعنف وألا تعود مجددا وبالفعل لم تعد مرة أخرى إذ صډمتها سيارة مسرعة في تلك الليلة وفارقت و الحياة وأتاهم ذاك الخبر التعيس بعد منتصف الليل فهاتفها كان يحمل رقم هاتفه وفي اليوم التالي تكفل بإجراءات الچنازة وحمل لولده خبر رحيل أمه بعد أسبوعان وطلب الصغير زيارة قپرها رغم سنوات عمره الخمس وقتها بإصرار عجيب اصطحبه وظن أن سينهار باكيا كأي طفل في عمره على الأقل خوفا وهلعا من المشهد المهيب للقبور المتراصة ولكنه بقي صامدا وتلي بصوته الطفولي الآيات الأولى من سورة يس أمام القپر ونظرات العجب كانت تطل من عين أبيه فأخبره صغيره أنه سالي من قامت بتلقينها له عاد جاسر لواقعه والټفت لأمه التي كانت تراقب إنفعالات وجهه في إشفاق تام فقال مذعنا
هزت له أمه رأسها راضية وراقبت انصرافه بأنفاس لاهثة بعض الشيء فرفعت البخاخة التي تستعملها من حين لآخر عندما تعجز عن التنفس لتستنشق ذرات العقار بتعب
حياه موظف الأمن بالبناية الضخمة بحرارة واتجه بعدها للمصعد وصعد للطابق الذي يحوي شقته أو ما كانت يوما دفع الباب ودلف وهو يتمتم ساخرا
.. والله كتر خيرك يا آشري إنك مغيرتيش الكالون
فتح النوافذ ومضى نحو غرفة النوم ومضى يقذف أمتعه بإهمال في الحقيبة التي كان يحملها وبطفولية تجري في عروقه اتجه نحو خزانتها يعبث بمحتوياتها مستمتعا فهو يعلم أنها تشتاط ڠضبا من تلك الأفعال الصبيانية خاصته وأثناء عبثه اصطدمت يده بصندوق مخبأ بين أمتعتها فعبس ومد يده ليقحمها كليا حتى استخرج صندوقا من ورق مقوى فتحه وأخذ ينشر محتوياته على الفراش حتى عثر على مظروف أبيض خط على رأسه اسم أحد المعامل الشهيرة بالبلد وتحتها اسمه کاملا فاستخرج الأوراق الطبية منه ليطالعه بأعين يائسة ولم يفقه شيئا منه فحمله ووضعه في جيب سترته الداخلي وعاد لينظم أمتعتها من جديد وأعاد كل شيء لمكانه حتى الصندوق وضعه تماما حيث كان فهو برغم كل مساوئه إلا إنه يتمتع بذاكرة فولاذية من صغره كان يعشق مشاهدة تلك اللعبة ويشعر بسعادة بالغة في رؤية أحجار الدومينو المتراصة ذات اللونين الأبيض والأسود تتساقط حجرا تلو الآخر بتتابع مثير للاهتمام لتنتهي لتلك الفوضى الرائعة بعكس أخيه الأكبر الذي كان يراها لعبة سخيفة إذ يبذل لاعبيها جهدا فائقا برص تلك الأحجار المتناغمة برقعة واسعة للغاية قد تصل لأمتار وتتطلب منهم جهدا خرافيا وساعات من العمل الدؤوب وأيام طويلة ينهيها أحدهم بإيقاع حجر واحد فتسقط بقية الأحجار بالتتابع فما فائدة البناء إن كان بالنهاية مصيره الهدم وكيف الحصول على اللذة بالسقوط والخسارة ولأول مرة بحياته يراه محقا إذ تتوالى أركان حياته بالسقوط حجرا تلو الآخر وكأنما کیانه يفقد جزءا بعد جزء والسقف الذي كان يحميه يخر على رأسه فمنذ قليل خرج من عيادة طبيب الخصوبة الذي زاره منذ أربعة أعوام منصرمة والذي ما أن رآه وبحوزته ذاك المظروف الذي أخرج محتوياته ونثرها أمامه مطالبا بتفسير حتى ابيضت معالمه وأقر بالحقيقة كاملة وأخبره أنه لم يقصد إلحاق الضرر به بل كانت تلك رغبة زوجته فهي من رجته بإبقاء الأمر سرا بينهما كي لا ټجرح مشاعره وتشعره بأي نقص فكذب عليه وأخبره وقتها أنهما الإثنان بخير ولا شيء يحول دون إنجابهما لطفل سوى أن إرادة الله لم تحل بعد واليوم سقط ذاك السقف الواهي الذي شيدته آشري بمفردها وبات يشعر بالنقص فهو من يعجز عن منحها طفلا ورغم ذلك لم يتوانى عن أذيتها بالكلمات المهينة كلما أراد إفتعال شجارا وإلصاق التهم بها للفرار من أحد مصائبه السوداء على حد تعبير أسامة وإلقاء
متابعة القراءة