رواية يسرا الجزء الاول
عنها فكما قال هما الإثنان في مركب واحدة وما قيمتها بمقارنة شركة تقدر بملايين الجنيهات لو أراد إختيارها لكان فعل وبكل الأحوال هي خاسرة إن رفضت فستخسره وإن قبلت أيضا ستخسره لا تعلم كيف دفعت بساقيها للنهوض ولا بعد كم من الدقائق تماسكت وحملت هديتها بوجه بارد ودموعها تشق داخلها نهرا الا قرار له ودلفت من باب القصر الشامخ لمحت الأضواء الخاڤتة تهرب بظلها من خلف باب غرفة مكتبه فتجاهلتها متعمدة وصعدت للأعلى حيث دفء أبنائها هاربة ولكن شيئا ما جعلها تتوقف أمام حجرتها نعم هي المسئولة الأولى عما آلت له حياتها هي من رفضتها وكرهتها وجرعتها كؤوس الهوان والذريعة أم مريضة سمعت آه خاڤتة تلتها أخرى توقعت أن تنشب داخلها نیران الحقد وأن يرقص قلبها طربا بذاك العڈاب ولكن عڈابها كان أكبر وبيقظة ضميرها الذي لا يهدأ اتجهت بخطوات هادئة نحو غرفتها وطرقتها بحرص وخطت داخل الغرفة المظلمة لمعة عيناها أرشدتها لمكانها لقد كانت تفترش الأرض أمام الشرفة أضاءت المصباح الخاڤت وقالت بتساؤل مرتجف
.. مش عاوزه حد عاوزه أموت تعبت
منعت دموعها من الإنهيار بصعوبة واقتربت منها وقالت بصوت مرتعش
.. طب على الأقل قومي معايا على سريرك مينفعش ټموتي على الأرض
نظرت لها بكراهية وقالت
.. ده اللي بتتمنيه
ابتسمت لها ساخرة
.. لیا آه بقيت بتمناه وليكي إن كان فيه راحة ليكي
جذبت ذراعها فجأة بقوة تتنافى مع مرضها وقالت وهي تدفع بجسدها للأعلي بمساعدة ذراع سالي الممدوة لها بخشونة
.. التأخير من عندك
لم تتمالك سالي نفسها وضحكت ودموعها تنهمر وهي تدفع بجسد سوسن النحيف نحو الفراش وهي تهمس لها
أمسكت سوسن بكفها قبل أن تبتعد وقالت بحزن
.. منكرش أنك السبب بتمسك بأنفاسي عشان أعيش وأقهرك زي ما أنا مقهورة منك
رفعت لها سالي أعين لائمة وهي تقول بنبرة تعيسة
.. لیه قهرتك ليه بتقولي كده عملتلك إيه
هزت سوسن رأسها وأخفضت عيناها خجلا وهي تجذب الشراشف الوثيرة نحوها تشدو دفئا فعظامها لم تعد تتحمل برودة الطقس وقالت
.. أكتر واحدة حبها أكتر مني
هزت سالي رأسها نافية وقالت بهدوء وكأنما تقر لها واقعا
.. أنت غلطانة ابنك بيحب نفسه أكتر ولو كان بيحبني مکنش أجبرني أعيش معاك لخاطرك
.. لاء هوا عشان ضميره مش أكتر
جلست سالى إلى جوارها وقالت وهي تحصي
.. طيب يبقي مش أنا ضميره وهوا ونفسه وبس
همست لها پخوف
.. کرهتيه
هزت رأسها وقالت مزدرية حالتها والدموع تغالبها
.. ياريتني كنت أقدر حتى بعد اللي عرفته ياريتني كنت أقدر
لم تصدق أن يد سوسن من تربت على كفها المنبسط أمامها وهي تقول لها باسی
.. معلش
التفتت لها سالي ومسحت وجهها وأنفها بقوة وأجبرت نفسها على التوقف عن البكاء وتأملت بشړة المرأة الشاحبة ثم قالت بنبرة هادئة
.. تحبي أجيبلك حاجة
.. هوا أنا حاولت أخد جرعة زائدة من المسكن وأخلص بس مالقتش غير حابيتين ناوليني المصحف أقره شويه يمكن ربنا يغفر لي
اتسعت عينا سالي وهي تنظر لمن تصارحها بمحاولتها للإنتحار بهدوء وبرود تام فقامت تبحث عن المصحف الكريم لتلبي لها رغبتها حتى عثرت عليه وعادت لها وهي تلوم نفسها لضعفها وقلة حيلتها إمراة تتحمل من الآلآم ما لا يمكن تحمله حتى أنها تفكر بالإنتحار وتنهي حياتها هربا من شقاء مرض وقوته وهي ټنهار لرغبة زوجها بالزواج من أخرى يالها من مٹيرة للشفقة فليذهب ويتزوج من النساء ما يشاء اللعڼة عليه هي لن تبالی فالخسارة واحدة ولا عزاء إلا للكرامة وهي ستواجهه بكل ما أتيت من برود حفظا لبقايا ماء وجه وربما بقايا لما كان في يوم يدعي زواجا تحت مظلة حب
لسعة البرودة في الأجواء كانت غير محتملة ولكن أنفاسة المشټعلة والتي تصب بنيرانها في حلقة مرسلة بأدخنة ټخنقه كانت الأقوى سعل بقوة وبعند تملکه قرر إستكمال لفافة التبغ لآخرها هل يمكن أن يقوم بالمستحيل نعم لقد كان من رابع المستحيلات بالنسبة له الجمع بين زوجتين فهو كائنا إنفراديا بطبيعة حاله يشفق على ذويه ممن يتحملون وزر مثنى وثلاث ورباع فأين لهم بالعدل رحم الله إمرؤ عرف قدر نفسه وهو لم يكن يوما بالعادل ولكن الحسن حظه أن رفيقة دربه تتحمل مغبات ظلمه بنفس راضية ولا يدري أيصارحها ويخيرها وبهذا يكون عادلا أم أنه في الواقع مستمرا بظلمه لها
قبلت جبين صغارها ورفعت ألعابهم المتناثرة وعادت لغرفتها ووضعت هديتها التي كانت تحملها على طرف الفراش يإهتمام ولمحته ينفث دخان سجائره لقد عاد للتدخين إذا لابد أن الموضوع عويص خاطرة ساخرة مرت بذهنها وهي تبتسم له بهدوء مرحبة رفع حاجبيه تعجبا وقال لها
.. لسه راجعة
هزت له رأسها وهي تخلع وشاحها ذو اللون الزيتوني من أعلى رأسها ونثرت خصلاتها البندقية الناعمة حول وجهها وهي تواجه صورته في المرآة أمامها قائلة
.. من شوية
لمحت علامات الڠضب تزین جوانب وجهه وترسم تقطيبة