رواية يسرا الجزء الثاني
المحتويات
لوهلة ما الإجابة هل كانت يوما مقربة منها حسنا إذا كان الشجار اليومي والمشاكل التي كانت لا تحصى ولا تعد تقاربا فنعم هي مقربة وللغاية كان ينظر إليها محدقا بكل خجلاتها والانفعالات المتابينة التي تمر على وجهها مرور الكرام تباعا حتى قال
.. للدرجادي الإجابة صعبة!
ضحكت ساخرة رغما عنها وقالت وهي تشعر بالحزن لأنها وأخيرا تلقنت الدرس على نحو جيد ومؤسف في الوقت ذاته
.. یعني أحيانا بتعيش مع ناس عمرك كله ماتحسش بوجودهم أو ساعات بتتمنی تبعد وساعة الفراق تحس أن العشرة كانت حاجة مهمة أوي
هز رأسه متفقا معها وزم شفتيه مستاءا
صمتت لبرهة بالفعل لقد أعادت هي ترتيب حياتها بعد الفراق أبصرت تغيرات جذرية أطاحت بما كان في مأمن ومسكن ومستقر أطفالها في المقام الأول ولكن هل خسرتهم بالفراق لم تشعر بخسارتهم ولكنها باتت تشعر الآن وعلى نحو يومي بقيمتها بحياتهم بقيمتها هي في الحياة ولكن مع ذلك تتوق لمعرفة قيمتها بحياته هل يفتقدها سخرت من نفسها وبشدة عند تلك الخاطرة فالزوجة المصونة تحمل بأحشائها بذرة تنمو فأي إفتقاد يشعر به لقد محيت من حياته وشرع هو بإستئناف مسيرته على أكمل وجه كل ذلك وملامحها باتت مدروسه بإتقان بين ثنايا عقل کریم الذي أصبح متعلقا دون يدري بخباياها حتى قال دون مورابة
إنتشلها من بحور حيرة أفكارها لترتسم الدهشة على ملامحها بل والصدمة إذ أنه لم يسأل فقط عن أمر شخصي يخصها بل رفع أيضا الألقاب الرسمية بينهما ونادها بإسمها ومع ذلك لم تتمالك لسانها الصريح وأفصحت عن ما يدور بخاطرها
.. مش شايف أنك بتسأل في أمر شخصي جدا!
هز رأسه وقال بإصرار وعيناه مركزة على تورد وجنتيها الخفيف
.. عارف بس على نحو ما حاسس أنه حقي متسأليش إزاي
فضحكت رغما عنها وقالت
.. أنت صريح أوي
هز رأسه متفقا معها
.. مش بيقولو الصراحة راحة
وبلطف أردف
.. مجاوبتيش عن سؤالي
.. بالظبط 91 يوم
فلمعت عيناه وهو يكرر بهمس ورائها
.. شهور العدة زائد يوم
هزت رأسها صامتة وساد الصمت بينهما لوهلة حتى قام فجأة وقال قبل أن ينصرف
.. عشان كده النهاردة وشك باين عليه أنفاس الحرية
عبست متعجبة ولم تفهم ماذا يقصد أو فهمت ولكنها لم تصدقه هل تحررت بالفعل من أسر جاسر سليم هل باتت تطير حرة في سماء الكون بعيدا عن فلكه! ببساطة لا يوجد تعريف آخر على ظهيرة الأرض سواه فهذا هو جاسر سليم يدفن أمه بالأمس القريب وفي اليوم التالي يظهر بكامل عنفوانه حلة أنيقة قاتمة ذقن حليق عطر يصيب المحيطين بالدوار وخطوات واثقة كأنما تخضع حدود جاذبية الأرض لقوانينه الخاصة راقبته درية وهو يتقدم منها ملقيا عليها بتحية الصباح بنبرة صوته الهادئة وأتبعها بأمر حاسم
هزت درية رأسها وشرعت بالفعل في أداء ماطلبه منها وماكانت سوی ساعة من الزمن حتى كان يجلس برفقه أخيه والمحامي الذي كان يقلب أوراق الوصية التي تركتها الراحلة متحيرا وإمارات العجب مرسومة بوضوح على وجهه حتى قال
.. أنتوا یعني موافقين على الوصية بالشكل ده إحنا ممكن نطعن فيها لأنها مش مستوفيه الشروط القانونية
زجره جاسر بنظرة ڼارية ونبرة صوته إحتدت
.. الوصية هتتنفذ بحذافيرها أنا جايبك عشان تبدأ في الإجراءات
نظر له مجدي ومن ثم لأسامة الساكن والذي كان يبدو أنه متفقا مع أخيه فقال مرة أخيرة
.. وزیاد موافق هوا كمان
فرد أسامة مؤكدا
.. أيوا معندوش إعتراض
حمل المحامي الأوراق وقال بعملية وهو يهم بالإنصراف
.. إذ أنا محتاج أقعد مع دادة نعمات ومدام سالي وزياد مفروغ من أمره وبالنسبة لبقية التركة فهبتدي في إجراءات إعلام الوراثة فورا
خرج مجدي مسرعا وهم أسامة بالإنصراف وراءه ولكن جاسر استوقفه قائلا
.. مکنش قادر يستنی كام يوم كمان
تنهد أسامة والټفت له مؤنبا
.. زیاد بیمر بوقت صعب يمكن أصعب مننا وأنت الوحيد اللي تقدر ترجعه هو المتهم الأول والأخير كان حريا بهم القول فتش عن جاسر سليم وليس عن المرأة كما قال نابليون
فابتسم متهكما وهو يخرج من درج مكتبه مظروفا ألقاه ليد أخيه فتلقفه عابسا بعجب
.. إيه ده
فرد بإقتضاب
.. افتحه
تطلع أسامة للأوراق التي تثبت ملكية زياد لشركته وعقد البيع الذي خطته داليا بتوقيعها لجاسر مباشرة ومن ثم بتاريخ لاحق عقد بيع من جاسر لصالح زیاد فغمغم أسامة خجلا
.. کنت مفكر أنك . .
قاطعه جاسر غاضبا
.. على فكرة لولا أن الشركة كانت محتاجة شغل كتير مني وطبعا أخوك لغي التوكيل اللي كان بيني وبينه أنا كنت خليت عقد البيع من داليا ليه مباشرة أول ما أمور الشركة أتعدلت عينت مجلس إدارة وعضو منتدب مسئول عن أمور شرکته
اقترب
متابعة القراءة