رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


منه أسامة وأعاد له المظروف
.. خليه معاك كده ولا كده أنا حاسس أنه ماشي في طريق ومش هيغير مساره دلوقتي 
رفض جاسر عرضه وقال مصرا
.. خليه معاك أنت أنت اللي هتدهوله وقت ما تحس أن مساره أتعدل 
وهمس وهو يعود للوراء متنهدا بعتب
.. أنا فيا اللي مكفيني 
جلس أسامة وأنظاره مرتكزة على وجه أخيه يحاول إستنباط مايدور في عقله من أفكار معقدة
.. سوسن الله يرحمها عقدتهالك خمسة مليون لحساب سالي مش مبلغ هين
رمقه جاسر بغيظ
.. ده الشماتة هتطق مع عينك يا أخي 
ضحك أسامة بصخب قائلا
.. قال يعني أنت هتغلب بكرة تلاقي طريقة تعيد بيها الوصال هيا يعني هتعرف تعمل حاجة بالفلوس دي كلها وأقطع دراعي إن مكنتش ترفضهم 

تألقت أنظاره وكأنما بعثت النشوة من جديد بخلاياه ودبت الحماسة بأوصاله فمهما تقطعت الخيوط بينهما ومهما صارت لعبته بعيدة عنه ومهما شعر بیدیه عاجزتين عن الإمساك بها فستتجدد الخيوط بينهما تلقائيا وللقدر تدابیره فغدا تعود لعبته بمكمن بين أصابعه وتلك المرة سيحرص على جذب الخيوط وشدها بقوة فلن تبرح مكانها بين أنامله ذلك قدرها المرسوم منذ البداية فهي دائما وأبدا لعبة عاشق أنظاره قاتمة سوداء كحلته خرج ولم يبرح مكانه من أمام مكتبها المستطيل فرفعت أنظارها الحذرة نحوه وقالت ببرود
.. خیر یا باشمهندس!
فرد ببرود يماثلها
.. من هنا ورايح إطبعي نسخة زيادة من التقارير المالية للمجموعة تعجبت وقالت
.. ليه
فقال ساخرا
.. يعني علي إعتبار ما سيكون 
رفعت رأسها بغتة واحمرت عيناها وارتسمت ملامح الغيظ على وجهها وقالت
.. ويا ترى إيه اللي سيكون 
اقترب منها وبفحيح صوته أجاب
.. ده اللي مستني أعرفه منك يادرية 
قامت وانتصبت قامتها نحوه بتحدي
.. شؤوني الشخصية مش من حق أي حد يحاسبني عليها 
اكفهر وجهه بطوفان ڠضب وقال بصوت جعلها تهتز في وقفتها رغم أنه لم يكن مرتفعا بل بالكاد مسموعا
.. إلا أنا...
ماذا لو سارت معطيات الحياة حسب ما اتفق هوانا ماذا لو لم نبذل جهدا مضنيا للحصول على ما هو حقنا بالأساس لكنا إذ نتحدث عن الجنة وما كان لحديثنا ركنا على أرض الله الواسعة ولكنها حتى الآن شاكرة رغم أنها منذ قليل كانت بمكتب محامية مختصة بالأسرة والڼزاع القضائي بشؤونها والتي أخبرتها بوضوح أنه لا مجال لاحتفاظها بسليم في حضانتها فهي ليست أمه ربما من تكون ربت وترعرع الصغير في كنفها إلا أن حقها في الإحتفاظ به معډوم الطفل لأبيه والطفلة لها حتى أجل معلوم وإن شائت تقدمت لها بدعوى ضم لحضانتها ولكنها بذلك تكون قد فرقت طفليها وما ذنبهما وأمل سخيف يتضاءل داخلها أن يكون جاسر قد تنازل عن الطفلين لها لقد مرت ثلاثة أيام منذ عودتها ليلا بالصغار وتفاجئت صباح يوم أمس بالسائق الخاص به ينتظرها أسفل البناية في تمام السابعة كي يقلها هي والأبناء إلي مدرستهم بناءا على أوامر مرؤوسه الذي أمره أيضا بإصطحابهم منها وأن يكون رهن إشارة منها في أي وقت من ساعات النهار حاملا معه ملابس جديدة لهم وبعض الألعاب الثمينة.
أفاقت من سحابة أفكارها أمام باب المركز ألقت عليها موظفة الإستقبال التحية كان بإنتظارها حالة واحدة لطفلة في السادسة من عمرها ولغرابة الأمر وجدت أن الأب من يصطحبها وعلمت منه سرا پوفاة الأم منذ ثلاث سنوات تأثرت كثيرا لحال الطفلة ورغم ذلك نظرت للأب بشيء من الإجلال فبعد فراق زوجته لم يسعی لزواج من أخرى حرصا منه على مشاعر صغيرته فمر بخاطرها ذاك الذي تزوج بأخرى وعلى وشك إنجاب آخر منها يتجرأ ويمنع عنها طفليها ودون أن تدري اشتعلت ڼار الڠضب داخلها بعد انصراف الطفلة وجلست تغلي وتزبد لابد لها أن تواجهه كيف لها أن تترك صغارها في رعاية تلك المتبجحة بحملها في عزاء حماتها وأن تأمن عليهم في غيابه هو عن القصر حتى ساعات الليل المتأخرة بل والأدهی کیف لها أن تخطو بزيارات يومية لأطفالها بعد رحيل صاحبة القصر عنه!
وضعت كفيها على وجهها وهي ټغرق في بحور اليأس وقلة الحيلة وداخلها مشتعل بحنق غاضب ودت لو تكسر رقبته وبعدها تبكي إلى جوارها وانتبهت بعد قليل لتواجد کریم داخل الغرفة يراقبها بشيء من التسلية فأجفلت وعادت للوراء هاتفة به
.. خضتني على فكرة 
اقترب منها ضاحكا
.. إيه نهاية العالم قالو كمان ساعة!
زفرت بنفس اليأس
.. ياريت كان زمان الواحد ارتاح 
عقد حاجبيه وجلس بالمقعد المقابل لها متمتما
.. ياساتر يارب طب على كدة بقي نلحق نحتفل 
رفعت رأسها له دهشة
.. نحتفل بإيه 
وضع أمامها كوبان من العصير الطازج وطبق بلاستيكي يحوی قطعة حلوى شهية تقدر بمئات السعرات الحرارية وشوکتان وقال ببساطة
.. بيكي ودى حاجة بسيطة تشجعك تكملي طريقك ومتتحججيش تاني بالولاد 
ضحكت ببلاهة وهي فعليا لا تفهم مغزی کلماته فأردف مفسرا
.. أنت مش حاسة بالإنجاز اللي عملتيه ولا إيه مواظبة على الرياضة والحركة والأكل الصحي وخسيتي
 

تم نسخ الرابط