رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


شوفتني كملت!
اقترب منها هامسا
.. أنا مش بقولك كده عشان كنت تكملي أنا بقولك كده عشان تتأكدي أنك كنت صح فن التجاهل عنوان أحد كتب التنمية البشرية التي تكتظ بهم مكتبة کریم والذي اعتادت إستعارة الكتب منه وكان لا يجد أي غضاضة في ذلك بل كان سعيدا بتلك الحالة من التفاهم والانسجام بينهما فلقد إكتشف ولعهما المشترك بنفس الأشياء القراءة والتريض ومشاهدة الأفلام الكلاسيكية القديمة ولشدة ولعها بذلك الكتاب منحها كريم إياه مازحا بأنه ارتكب أحد أكبر الحماقات في التاريخ إذ تبرع لها بالكتاب دون مقابل فالكتب بنظره ثروة کنز ثمين فكيف بصاحبه أن يتخلى عنه!

كانت بالماضي تختزن داخلها كل الذكريات والمواقف السيئة تعيرها حجما كبيرا وتقتطع منها طاقة هائلة للتعامل مع كم هذا المخزون ولكن بخطوات بسيطة استطاعت تنمية هذا الشعور الرائع بل هو الأروع على الإطلاق التجاهل فأصبحت المضايقات المتكررة التي تلاقيها على يد تلك المدعوة داليا تثير سخريتها وليس ڠضبها تجعلها ترى أي إمرأة مهزوزة ضعيفة هي بل توصلت لحقيقة الأمر إنها أضعف منها هي شخصيا إنها ك دون کیشوت تحارب طواحين الهواء تسوق قدماها نحو الماضي لتحارب أشياء ماټت واندثرت وكل هذا في سبيل أن تتوقف سالي عن الحضور اليومي وملاقاة أطفالها والتمتع معهم بوقتها رغم أنها لم تری جاسر سوی مرتان فقط خلال الشهرين المنصرمين وفي المرتين تحاشت الإحتكاك به لا خوفا منه ولا مراعاة لتلك الغيورة بل لخاطر أطفالها وها هي تقف تبتسم لها بسماجة قائلة
.. كويس أنك بتعرفي تيجي المشوار ده كل يوم 
نظرت لها سالي بطرف عيناها وابتسمت لها ساخرة ثم التفتت لسليم الذي كان يحملق بكتاب الرياضيات غاضبا وقالت
.. سلیم حبيبي متدایقش نفسك حل مسألة تانية فيه حاجات تأجيل مواجهتها بيكون أفضل مش لأنك مش قادر تحلها أنت بس ذهنك دلوقت مش صافي في الآخر متضيعش وقتك 
احمر وجه داليا وزمت شفتيها وقالت
.. طيب واضح أنكو مشغولين وأنا الحمل بيخليني أدوخ هروح أرتاح شوية 
لم تكن سالي لترد على عبارتها التي تظن أنها قد تستفزها بها كيد النسوة الضعيفة فلقد مرت هي بحمل وولادة ولديها بالفعل أطفال تراعهم وانتبهت سالي لصوت هاتفها الذي أخذ يعلو بالرنين فابتسمت وأجابت دون أن تدري بوجود تلك المتلصصة من خلف الباب
.. أيوا یا کریم . 
ثم ضحكت قائلة
.. لا متقلقش مش ناسية سبعة بالدقيقة نتقابل زي ما اتفقنا ونروح سوا 
وضعت داليا يدها على صدرها بفرح بالغ وهي تهمس لنفسها کریم أي مصېبة المهم تاخدك وارتاح   
كانت تنظر له غاضبة التغيرات التي طرأت على حاله فأصبح نزق المزاج مشتت كثير الانتقاد للمحيطين به ببساطة لكأنما خط فوق جبهته عبارة سريع الإشتعال فقالت بعند
.. دي رابع مرة أعيد فيها الشغل 
فقال زاعقا
.. إن شالله حتى عشرة يادرية 
رفعت حاجبها الأيمن بانتقاد قائلة بنبرة خاڤتة
.. لو سمحت يا جاسر متعليش صوتك عليا وتفهمني إيه اللي ناقص المرادي 
نفث غاضبا بلهب وهو ينزع ربطة عنقه الذي يشعر كأنها ټخنقه قائلا
.. أنا مش لسه هعلمك الشغل بادرية 
قامت درية وقالت بحزم
.. كويس أنك عارف وأظن أنت كمان عارف دقة شغلي وعشان كده لو سمحت اتفضل وقع على الورق عشان التأخير مش في مصلحة الشغل 
هز رأسه وقال بعند أكبر
.. لاء وسيبيه اسامة يراجعه طالما أنت مش عاوزة تعيديه 
نظرت له وملامحها تعلوها دهشة بالغة وتمتمت
.. ده كأني بتعامل مع أيهم 
هدر فيها محذرا
.. درية 
وضعت عويناتها وابتسمت له ببرود
.. نعم 
زم شفتيه وقال
.. علي التكييف واتفضلي على مكتبك 
نفذت ما أمرها به والتفتت له قائلة بنفس الإبتسامة التي قد تجمد مياه المحيط
.. أي أوامر تانيه!
أقر بما يمر به مرهقا
.. هاتيلي حاجة للصداع 
ألم يفتك برأسه منذ الصباح فأطفاله على وشك الانتهاء من العام الدراسي وقد بكت له سلمي على مائدة الفطور وصرحت له برغبتها بقضاء فترة الصيف برفقة أمها أما سليم فكان ينظر لها غاضبا وهمهم متبرما بس يا سلمى بابا أصلا مش هيوافق ولم يمتلك ردا سوى أن يغمغم لهم بأمر مقتضب للانتهاء من فطورهم وداليا لا تنفك عن محاولتها الحثيثة بالاقتراب منه واختراق الأسوار التي يصنعها حول نفسه وفي أوقات يجد نفسه ضیعفا للحد الذي يسمح لها باختراقها بقدر يسير فبالنهاية مالذي يمنع رجلا بتلقي الحب والرعاية من زوجته! ألأنه يرغب بتلقي المثل ولكن من أخرى أصبحت لا تعيره أي إهتمام أيسير بدربها كالمسكين خلفها يرجو منها شفقة ونظرة عطف لحاله وحال أطفالهما! ويلقبونه هو بالعنيد أيهما العنيد
سارت إلي جواره كطفلة صغيرة سعيدة تتلمس الجدران وبفضول تتجول في غرفه الواسعة بسرعة فائقة والبسمة المرتسمة على شفتيها أخبرته أنها أغرمت به فابتسم هو الآخر سعيدا ليس لأنهما أخير عثروا على مكان يناسب مشروعهما الصغير الذي يسعى حثيثا نحو النور ولكنه
 

تم نسخ الرابط