رواية يسرا الجزء الثاني
المحتويات
اللي هتشرب منه عاد بكوبان من عصير الرمان الطازج
ليجدها قد اتخذت مقعده ليتولى هو مهمة القيادة فقال مازحا
.. خلاص يعني عشان ماسواقتك اتحسنت هتبخلي علينا
ابتسمت منه وهي تتناول كوبها اللذيذ قائلة
أبدا والله بس قلت كده أريحلك وبعدين أنا هنزل هنا أركب حاجة وأروح
قال متوجسا
.. هتروحي للولاد
طرقت رأسها بضيق وقالت رغم استشعارها الحنين لأطفالها
.. أفضل استنى لبكرة مش عاوزة أحتك بيه وهوا في الحالة دي
ارتشف القليل من کوبه ثم قال فجأة
.. غیران
التفتت له سالي بنظرات متسائلة فأردف
.. أكيد غيران مالهاش تفسير غير كده
.. لاء مش غيرة هوا بس لسه بيتعامل معايا كجزء من ممتلكاته وقال إيه صابر عليا
تمتم کریم بتعجب
.. صابر !
زمت سالي شفتيها بقنوط وقالت لتوضح
.. أرجع
اقتحم رأسها الذي غاب في حديث الأمس المزعج قائلا
.. وهترجعي يا سالي!
همست نافية بسرعة
.. مستحيل مضت ساعة كاملة قضى نصفها في محاولة الحصول على وسيلة مواصلات مريحة ليصل لقصره واستقبله الصغار بنظرات حذرة فهو كان يبدو على شفا بركان أوشك على الإڼفجار صړخ للمرة الثالثة بنعمات التي كانت تعد للصغار مشروبا منعشا
.. الساعة كام يا نعمات
.. من نص ساعة سألت حضرتك وكانت يا دوب خمسة
نظر لها متمعنا وتعالت إشارات الحنق مختلطا بالأسف على وجهه فالمرأة تخطت الستون من عمرها وهي ليست بخصم مکافیء لنوبة غضبه المتحكمة به فتمتم
متشکر یا نعمات ياريت تحضرلي الغدا
هزت رأسها وترددت لبرهة قبل ان تنصرف فاستوقفها قائلا
.. فيه حاجة يا نعمات
ولم تدر بانها أطلقت الشياطين من معقلها بسؤالها
فزعق بها
.. وأنا أعرف منين!
فانصرفت نعمات بخطوات مسرعة هاربة منه وظل هو يدور بالغرفة كأسد حبيس ويتمتم لنفسه بغيظ تملکه
.. يظهر أنك مبقتش عارف حاجة يا جاسر
خطوة مچنونة أخرى يخطوها دون تفكيير أو حتى إمعان فيما قد يليها فبعد أن هاتفته بالأمس بعد منتصف الليل تدعوه لرحلة سفاري بصحراء سيوة قبل دعوتها في الحال ثم أعد حقيبة سفر خفيفة ودلف لفراشه وهاهو بمغيب الشمس يقف على أرض سيوة الشاسعة هدوء لوثه الجمع من حوله ولكنه لازال محتفظا بهيبته داخله نظر لها وهي تتجه نحوه بخيلاء قائلة
تناول منها كوب الشاي الذي صنعته إحدى البدويات قائلا بتلذذ
.. كده بقيت جاهز صعد فوق الدراجة الضخمة وصعدت خلفه بعد أن انتهيا من شرابهما الساخن وانطلقت شارة البدء من قائد المجموعة وانطلقت الدرجات في سباق سريع وتعالت الصرخات المشجعة من خلفه ومضى هو بسرعته الفائقة يناور هذا وذاك مثيرا عاصفة ترابية لاحدود لها حتى صړخت هي بحماس فأفزعته وتوقف فجأة فكادت أن تنقلب الدراجة الضخمة بهما وتطلبت منه جهدا فائقا للسيطرة عليها مرة أخرى حتى توقف عن الحركة تماما والټفت صارخا بها
.. أنت مچنونة!
وأتبعه بسؤال مضاد لحالته الحانقة يشوبه نغمة إعتذار
.. أنت كويسة يا نرمين
وكانت إجابتها نظرة دهشة ترافق توضيحا كان لا يجب أن يخطئه بالأساس
.. أنا اسمي ريم على فكرة
دعك وجهه بتعب وترجل الدراجة وسار بضعة خطوات هاربا من تساؤلات قد تطيح بما تبقى له من هدوء أعصاب وتركته هي لعزلته لوقت طويل حتى سار مجددا نحوها قائلا فجأة
.. نرمين تبقى مراتي الله يرحمها ماټت هيا وبنتي في حاډثة عربية كنت أنا اللي سايق نمت مش فاكر أد أيه مجرد دقایق أو ثواني صحيت على صړختها وضوء جامد عماني وبعدين.
خشيت أن تتكلم فقد كان يبدو أنه غارق بالعالم الآخر بعالم موازي يتجسد له فيه آخر ذكرياته مع الذين فقدوا مستعيدا اللحظات التي عاشها بقسۏتها ومرارة ما خلفته ورائها حتى همس
.. فقت في المستشفى مالقتهومش جمبي كانوا خلاص. وأنا المسئول وأنا اللي عيشت
مضت لحظات الصمت ثقيلة لحظات مهيبة كأنما كانوا بالفعل في حضرة أرواح سكنت الثرى وهمست بدورها
.. بتوحشك!
اختنق بعبراته
.. في كل لحظة كل ما أدخل البيت واتخيل أنها هتطلع جري من أوضتها تنط عليا وتسألني بابا جيبتلي إيه
فهزت رأسها باسمة بمرارة قائلة
.. كنت بسألك على نرمين طبیعي تفتقد بنتك
نظر لها مليا وشاعرا بحيرة بالغة بماذا يجيبها ثم هز رأسه
.. نرمين كانت إنسانة بسيطة مالهاش طلبات في الحياة العادي بتاع أي ست بيت وزوج وحياة سهلة من غير تعب اتجوزتها لأنها كانت
ثم توقف عن الحديث شاعرا بخجل من ذكراها التي ملكت جوانحه للحظات ماضية فكيف بعد أن تسبب في رحيلها عن الحياة يصفها بلفظ أجوف بارد عار من المشاعر ولكن من منظور جراحة متمرسة مثلها بعض الجراح يجب أن تنكأ
متابعة القراءة