رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


انصرافها المتعجل والثابت نحو منصة دفع الحساب صامتا وهو يشعر بنيران تشتعل في أوصاله لم يكن يدري أن عبثه الغير مجد مع غيرها قد يحرمه فعليا منها بل لم يكن يدري حتى تلك اللحظة أنها بالفعل من أراد ومرارة الخسران تخنق حلقه للمرة الثانية بحياته غير أنه يشعر تلك المرة بأن خسارته أكبر إذ فقد الفرصة للعيش مرة أخرى وتذوق الحياة من جديد في تلك اللحظات القليلة التي تسبق انفصالها عن صغارها تغرقهم فيها بالأحضان والقبلات ووعود لمقابلة قريبة فوق السحاب في دنيا الأحلام توقفت بسيارتها الحديثة أمام البوابة المعدنية الضخمة لقصر آل سليم وهي تبحث عن كلمات مناسبة تبدأ فيها حوارا متأخرا للغاية إذ أنها سويعات ويحضر کریم ووالده لمنزلها لطلب يدها قالت بأنفاس متهدجة

.. إيه رأيكم في عمو کریم ياولاد!
عبس سليم وهو يبحث بعقله عن مغزی لسؤال والدته وظل صامتا فيما قالت سلمى ببراءة
.. دمه خفيف أووي هتجيبه المرة الجاية يتفسح معانا يا ماما 
ابتسمت سالي وقالت
.. آه إيه رأيكم 
كانت عيناها متعلقة بنسخة جاسر الغامضة وتسائلت داخلها كيف يمكن أن يكون الشبه بينهما ليس فقط بملامح جذابة بل وأيضا بخبايا نفس معتدة بكرامة والابن كأبيه بالفعل ظل صامتا يترقب توتر شفتيها بكلمات تائهة وسؤال لا معنى له
.. إيه رأيك يا سليم!
زم سليم شفتيه وقال
.. دمه تقيل لكن طبعا براحتك يا ماما انزعجت سالي وقالت متسائلة
.. ليه ياسليم بتقول عليه كده 
رد بصراحته المطلقة
.. مش بستریح لحد يحاول يتصاحب عليا في أول مرة نشوف بعض فيها 
ضحكت سلمى وهي ترفع كفيها للأعلى قائلة بطفولية محببة
.. ياساتر يارب عليك يا أخي 
تجاهلها سليم وقال بجدية
.. يعني لو لازم يجي المرة الجاية ياريت ميتكلمش كتير 
ظلت سالي صامتة وهي لاتدري كيف التصرف لقد تملكتها نوبة من الجرأة الفجائية منذ قليل وقررت مصارحة الطفلين بأمر الزيارة القريبة ولكن مع تأفف سليم الواضح من شخص کریم أصبحت تشعر بالخۏف وكأنما قرأ الصغير أفكارها فقال
.. لكن أنت بتسألي ليه ياماما هوا أحنا هنشوفه كتير بعد كده 
رفعت سالي أنظارها له وهي تقول دون أن تشعر
.. أنا وعمو کریم هنتجوز 
وتراجع الإثنان سويا لمقعدهما بالخلف ونظرة مبهمة قد علت ملامحهما فأسرعت سالي تقول
.. يمكن يمكن نتجوز وكنت عاوزة أعرف رأيكم فيه
تبادل الإثنان النظرات وقالت سلمى بأنفاس متهدجة بصوت قطعت أنفاس سالي حسرة وڠضبا في الوقت ذاته
.. یعني أنت خلاص مش هترجعي أبدا تعيشي معانا في البيت ! 
هزت سالي رأسها وقبل أن تهرب بأنظارها بعيدا ألقت نظرة متخوفة على وجه الصغير الذي التزم الصمت وعلا ملامحه الجمود ثم قالت بهمس
.. معدتش ينفع ياسلمی 
ومدت يدها وقبضت على كفوفهم وقالت بحب عارم
.. لكن لازم تعرفوا أنتوا أغلى حاجة في حياتي وإنهم لو خيروني بينكم وبين أي حد تاني أنا لا يمكن أبعد عنكم وأسيبكم 
هتف سليم يإتهام قاس يتجاوز سنين عمره
.. أومال هتتجوزي أنت كمان ليه 
نکست سالي رأسها قليلا وقالت
.. عشان محدش يقدر يعيش لوحده ياسليم 
فتح سليم باب السيارة وقال وهو يهبط منها رافضا تلك الحجة الواهية من فمها
.. عمو أسامة عايش لوحده 
ترجلت سالي بسرعة وأمسكت بسلمی وبه قبل أن يصعدا الدرجات نحو الداخل وقالت وهي تحتضنهم
.. المهم عندي أنكوا تعرفوا مهما يحصل هنفضل سوا دايما أنا ماما 
تمالكت دمعها بشق الأنفس وهي تبحر بعينا الصغير العنيد
.. وهفضل ماما ياسليم 
قفز سليم من أحضانها وصعد الدرجات للأعلى وتوقف قليلا أمام الباب وهو ينظر لها نظرة لائمة فيما اندفعت سلمی نحو أحضان أمها وقالت
.. متزعليش منه يا ماما 
ربتت سالي على كتف صغيرتها وقبلتها وقالت
.. أنا عمري ما أزعل منكم ياقلب ماما 
نظرات أختها الغير راضية لم تمحيها عبارتها الجافة
.. مبروك ياسالي 
ظلت سالي صامتة وتركت والدتها وأختها واتجهت نحو غرفتها مسرعة مما أثار ريبة أمها والتي التفتت لأختها وقالت منزعجة
.. ايه لزمته التقطيم بتاعك ده ياسيرين!
هتفت سیرین
.. أنا يا ماما ولا هيا اللي داخله مش مدياني وش ولو أني بتمنالها الخير 
تنهدت مجيدة وهي فعليا مدركة أن شيئا ما يجول بفكر ابنتها الصغرى حتى قالت
.. أنا هدخل أشوف مالها 
تمسکت سیرین بكف أمها قائلة
.. استني يا ماما لو سمحتي قبل ما تدخلي تميلي دماغها بكلمتين سيبيها تهدي وتفكر شوية 
جلست مجيدة وقالت پغضب
.. إيه الكلام الفارغ ده یعني إيه أميل دماغها یا بنت
ضاقت عينا سيرين وقالت بصراحة
.. ماهو أنا عديت حكاية أنها تطلق من جاسر عشان حقها فعلا بعد ما اتجوز عليها قدمها لكن تتجوز غيره لا ده كتير سالي بتحبه وبتعشق ولادها إزاي تتجوز غيره وإزاي حضرتك تشجعيها بدال ما تعقليها!
ابتسمت مجيدة بمكر وتراجعت للخلف بأريحية وقالت
.. قال يعني أنا مش عارفة أن اختك بتحبه وعمرها ماهتنساه 
اتسعت عينا سيرين
 

تم نسخ الرابط