رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


عشان يكمل هوا طريقه 
واقتربت منه بتحدي أعظم وهي تلكزه بأصبعها فوق صدره
.. لكن أنا اللي اتغيرت ياجاسر أنا معدتش أقبل بأقل من الحياة اللي دلوقت عيشاها وتسارعت خطواتها للخلف في إشارة واضحة للإنصراف ونهاية الحديث بينهما وهي تقول
.. ومع الأسف أنت غير مرحب بيك في الغدا اللي أنا عازمة ولادي عليه 
واقترب هو منها بخطوات أسرع
.. قصدك ولادنا اللي أنا بكرم أخلاق مني سامحلك تشوفيهم حتی بعد تصرفاتك 
قالت برفض سريع وهي تستدير مرة أخرى لتواجهه بهدوء
.. لاء مش کرم أخلاق منك ده شرط وإتفاق بينا أنت ملزم بيه كان شرط طلاقنا وراجع الشريط كويس ياجاسر ولو نسيت فأنا فاكرة كل كلمة ومشهد منه وعمرى ما هنساه وخرجت من الغرفة وقد أسدلت بكلماتها الأخيرة ستار نهاية المواجهة وهي تنادي بصوت مرتفع على طفليها لتجتذب كفوفهم الصغيرة نحو الخارج تحت مرأى عيناه التي تبعتهم كالصقر المتحين للإنقضاض على فريسته وهو يوقن پغضب مستعر بأعماقه أنه قد انسلت منه خيوط لعبته في غفلة منه في خضم الحياة وكثرة التفاصيل المحيطة بها قد تنسى أو تتغافل عن أشياء حتى تستطيع المضي قدما ولكنها لم تنسى أرقام هاتفه حتى بعدما مسحتها من ذاكرة الهاتف ظلت تنظر للأرقام التي تضيء شاشته حتى ردت بشجاعة تفتقر إليها في الواقع وجائها صوته مرحبا بتأنيب

.. أنا انتبهت إني مدتكیش عنوان الكافية بس استنيت تتصلي بيا على الأقل 
تنهدت آشري قائلة
.. سوري يا زیاد بجد أنا مش عارفة أقولك إيه 
همس متخوفا
.. قولي اللي يخطر على بالك فورا یا آشري أنت طول عمرك بتقولي الصدق 
تهدل كتفيها وأقرت بصدق
.. کنت هكذب وأقولك أن بابي تعبان ومقدرتش أتصل 
رد بسرعة
.. والحقيقة 
عبثت بأطراف الأوراق التي تقبع أمامها وقالت
.. الحقيقة أننا بنعيد نفس السيناريو من غير ما ندي لنفسنا فرصة نصلح أخطائنا 
أقر بصدق نادم
.. أنا بدأت یا آشري أصلح كل أخطائي لكن كعادتي محتاجك جمبي تاخدي بإيدي 
ظلت آشري صامتة لفترة طويلة وهي لا تعلم بم تجيبه حقا لقد فقدت القدرة على دفعه وتصحيح أخطائه إذ تبين لها بنهاية الأمر أنها كانت مخطئة تماما في توجهاتها نحوه وكأنما لمس حیرتها بيده قال
.. خلينا نتقابل يا آشري الكلام علي التليفون مش هينفع  
كان عازما على تجاهل مكالمتها التليفونية للمرة الرابعة على التوالي ولكن ما حثه على الرد تلك الرسالة النصية التي يطالعها والتي تتضمن قرار لسفرا بلا عودة أتاها صوته بتحية مرتجفة فقالت
.. یعني كان لازم أبلغك برسالة عشان ترد
فتنهد ضائقا
.. إيه معنى اللى أنت كتباه ده یاریم
هزت رأسها وهي تخط تقريرا طبيا موقعا بإسمها
.. ده قرار کنت مترددة فيه وأنت ساعدتني أخده
غمغم بدهشة
.. تسيبي مصر 
فأردفت بنبرة جادة
.. أنا طول عمري برة مصر وحتى لما كنت برجع مكنتش بلاقي نفسي 
قام وسار بضعة خطوات قائلا
.. وأنا اللي طفشتك النهاردة 
ضحكت برقة وقالت
.. أنت بتدي لنفسك حجم كبير أووي أنا لو صممت أني أقعد كنت قعدت لكن ده القرار الصح 
هز رأسه بحيرة قائلا
.. أومال إيه حكاية أني ساعدتك تاخدي القرار ده وليه دلوقت 
تركت الأوراق جانبا وقالت وهي تسرح بفكرها لمساء تلك الرحلة الصاډم فزمت شفتيها وقالت بحسم
.. أنا اكتشفت أني أنا كمان کنت بهرب بهرب من فكرة أننا مش مناسبين لبعض وأننا بنضيع وقت مش أكتر لذلك قررت أعيد تصحيح مسار حياتي وأركز في الوقت الحالي على شغلي وبس ولا أنت شايف غير كده يا أسامة 
تاهت منه الأحرف وغربت عن سماء أفقه الكلمات وظل شاردا ولكنه بداخله يعلم أنها محقة هو لن يستطيع التمسك بها وإثنائها عن قرارها والتراجع عنه إذ أنه لا يملك أدنى فكرة عما يكون الوضع بعدها بينهما فهو لا يملك نحوها تلك العاطفة الجارفة وأيضا لا يستطيع التخلي عنها بشكل حاسم ونهائي فهي بحقيقة الأمر لم تكن سوى لعبة كان يدور بها من حين الآخر يهرب بها من واقع حياته المزرية ووطأة شعوره بالوحدة تنهدت وقالت
.. الرد وصل 
هتف بسرعة
.. ريم أنا . . . 
قاطعته بحزم فوري لكأنما تلقي بأمرا غير قابل للنقاش
.. مستنياك النهاردة الساعة عشرة قدام بوابة المستشفى تسلم عليا طائرتي الفجر سلام  
كان ممسكا هاتفه شاردا حتى بعدما نادته للمرة الثالثة فأخذت قرارا بالطرق على سطح مكتبه لعله يجيبها قائلة
.. جاسر 
رفع رأسه إليها فزعا قائلا بحدة
.. فيه إيه بادرية
رفعت حاجبيها تعجبا ليس لأنها ولأول مرة في تاريخها الطويل معه نسبيا تراه شاردا بل لأنها تلمح الحيرة بعيناه تصطرخ فقالت مشفقة
.. مالك 
عبس وقال پغضب يشبهه كثيرا ذاك الذي تلاقيه من صغيرها أيهم
.. ماليش فيه حاجة عندك أنت 
طرقت برأسها قائلة وهي تتوقع الرفض الذي سوف تسوقه لأذن أبيها بأسف مبطن بفرحة
.. ممكن آخد بقية اليوم أجازة
ولكنها خيب آمالها
 

تم نسخ الرابط