رواية يسرا الجزء الثاني
المحتويات
فمه يمنع نفسه من البكاء وأغمض عيناه وانهمرت دموعه بصمت على صفحة وجهه ثم تقدم بخطى بطيئة ورفع الغطاء ووضع فوق جبينها ومنح نفسه نظرة أخيرة لمحياها الذي كان يوما ينبض بالحياة ثم أخفاه بغطائه من جديد والټفت نحو ذاك الدرج الذي يحمل ما أوصت به وكما توقع فالدرج خاوي ولابد أن يكون أخاه من حمل ما بداخله خرج من الغرفة بهدوء وتوقف برهة في الردهة وتذكر أمر الصغار فمضى نحو غرفتهم وطرق الباب ودخل ليجد سليم الصغير وقد ارتدي حلة سوداء تناسب جسده وتفوق عمره وسلمی ارتدت بالمقابل ردءا أبيض بنقوش زرقاء يعلوه سترة مخملية بلون أزرق داكن فابتسم لهم حزينا واندفعت سلمى بأحضانه وقالت كأنما تواسيه بصوتها الملائكي
ابتسم رغما عنه وهز رأسه وهو يكتم دموعه وقال وهو يربت على وجنتها الوردية
.. آه هيا مبسوطة
والټفت لسليم الساكن مكانه وقال
.. مش كده ولا إيه يا سليم
ومد يده نحوه فتقدم سلیم بخطوات متثاقلة وقال بهدوء
.. ربنا يرحمها یا عمو
فاحتضنه أسامة وردد مثله
.. ربنا يرحمها
ثم استطرد بجدية
.. فطرتوا
هزوا رأسهم نافيين وقالت سلمى
.. ملناش نفس
فهز أسامة رأسه رافضا وقال
.. لاء مينفعش لازم تفطروا
فقالت سلمى بعند
.. هنفطر لما ماما تيجي
سكن أسامة لبرهة ثم قال
وخرج أسامة من غرفتهما وترجل الدرجات بسرعة حتى وصل الغرفة مكتبه فدفع الباب ليرى أخيه وهو يقلب بأوراق أمامه أثناء حديثه لأحدهم عبر الهاتف ثم وضع السماعة وقال بصوت جامد
.. ده كان التربي واتصلت بمتعهد الأكل والمغسلة دلوقتي أنا رايح أشوف مكتب الصحة وأطلع شهادة الۏفاة
فهز أسامة رأسه وقال
.. طب فيه حاجة أقدر أعملها
.. اتصل بالناس عرفهم و الظرف ده مكتوب فيه
وصمت ولم يستطع النطق فاقترب أسامة وجذبه من بين أنامله وفتحه ليطالع خط أمه الراحلة ومر على أسطره القليلة بسرعة ثم تنهد وقال
فهز جاسر رأسه وتحاشى النظر له وقال وهو يستعد للخروج
.. اتصل بيها وشوف بقية الأظرف فيها إيه عشان ألحق أطلع الشهادة قبل صلاة الضهر
وأكد عليه قبل أن يختفي من أمام ناظريه
.. ومتنساش أخوك لازم يجي
فهز أسامة رأسه وقال بصوت متعب
.. كلمته على الله يرد
ويبدو أن أختها اعتادت ترك منزل زوجها غاضبة في أي وقت ليلا أو نهارا فعندما انتهت من تناول فطورها البسيط المكون من شريحة جبن خفيف وكوب من الشاي سمعت جرس الباب يدق بقوة فعبست بوجل واتجهت نحوه لتطالع وجه أختها برفقة أطفالها فتنهدت سالي بضيق ورحبت بالصغار وقالت وهي تنهر أختها الكبرى
فالتفتت لها سيرين وقالت بدفاع
.. أنا مسیبتش البيت أنا جيت عشان أكون جمبك في يوم زي ده
ارتفع حاجبي سالي بدهشة وقالت ساخرة
.. ليه إن شاء الله
وأردفت غاضبة وهي تتابع طريقها نحو المطبخ لتجلي صحون الإفطار خاصتها
.. شيفاني مفطورة من العياط ولا بقطع هدومي من الغلب
فأتبعتها سيرين وقالت بإلحاح
.. إنت عمرك ما كنت عنيدة كدة فيها إيه أما تتصلي بيه
فقالت سالي معنفة أختها
.. عوزاني أترجاه ولا أوطي على رجله أبوسها عشان يردني
حدقت سیرین بمحيا أختها الغاضب العنيد وتنهدت
.. وولادك ياسالي
جففت سالي يديها وقالت بإصرار
.. هاخدهم منه
فاتسعت عينا سیرین بغیر تصدیق وقالت بتصميم
.. وسليم هیسبيهوله
همت سالي بالرد فقاطعتهم أمهم التي قالت بصوتها الهاديء
.. متتعبیش روحك يا سيرين أنا مش عارفة أختك جابت نشوفية الدماغ دي كلها منین مكنتش کده
فتنهدت سالي وقالت بضيق صدر
.. أنا كده هتأخر على شغلي أنا طلعت حاجة الغدا تفك ياماما متستنیش عشان هروح
فقالت أمها بالنيابة عنها وهي ترمقها بنظرة شاملة
.. لولادك للي سيباهم في حضڼ غيرك ربنا ييسرلك طريقك
تجمدت سالي وقالت بصوت يرتعش كمدا وقهرا
.. فکرکوا مش بتقطع من جوايا فکرکوا مش حاسة بس قولولي أعيش إزاي مع واحد رماني وماعدش عاوزني مستنيني أرجع وأحب على إيده وأقوله حقك عليا أنا غلطانة وندمانة
فأغروقت عينا أمها بالدموع رأفة على حالها وقالت وهي تقترب منها وتدفنها بأحضانها الدافئة باكية هي الأخرى
.. لا عاش ولا كان اللي يذلك ياسالي يابنت محسن لا عاش ولا كان
ثم تركت سالي أحضان أمها مرغمة لتبحث عن حقيبتها وترحل هارية من ۏجعها المسيطر على أنفاسها وأنفاس القريبين منها فقالت سيرين بخجل
.. خسيتي على فكرة
انسلت ضحكة من بين شفتي سالي رغما عنها وقالت بحبور
.. بجد أنا بطلت أوزن نفسي عشان ما يجليش إحباط
فقالت أمها لتشجعها بإصرار
.. يوووه دا أنتي رجعتي قرقوره زي زمان
وقاطعهم صوت رنين الهاتف المصر فالتفتت سالي لأختها لائمة دا أكيد جوزك يا هانم فقالت أمها وهي تتجه للهاتف لتجيب
.. أنا هرد يالا
متابعة القراءة