رواية يسرا الجزء الثاني
المحتويات
الموظفون بكل دقة وحرفية قد يكون الأصغر وربما يكون قد انسحب من الشركة منذ زمن ولكنه لازال فردا لا يستهان به بتلك العائلة الذي ما أن أنهي عملا هاما أنقذ عدة أوضاع كانت على المحك اتجه لبيت الأوسط الذي كان غارقا في بؤسه بين أورقة ذكرياته البعيدة وخسارته القريبة استقبله أسامة بعينان زائغتين فرمقه زیاد بالمقابل بنظرة خائبة الآمال قائلا
.. إيه اللي رجعك للقرف ده تاني
أشاح أسامة برأسه بعيدا مغمغما باعتراف مخجل
.. مش عاوز أفكر في حاجة
ولكن زیاد لم يستسلم وتابع حديثه بعند
.. درية سابت الشغل وأنت وأخوك معتبتوش الشركة بقالكو كتير والموظفين بياكلو في قته محلولة إيه اللي بيحصل!
.. وجاسر مبيروحش ليه
فدهش زیاد
.. أنت بتسألني أنا!
.. أومال أنت قاعد معاه بتعمل إيه
ضحك أسامة ساخرا
.. أحنا كل واحد فينا في وادي لوحده أنت ولا هوا ولا أنا
هز زیاد رأسه وقال
.. معاك حق وأنا السبب
والټفت لأسامة وهو يرمقه بشفقة قائلا
.. أسامة أنت محتاج تروح تتابع مع دكتور نفسي الهروب مش حل ولا أنت مرتاح
هز أسامة رأسه موافقا فتابع زیاد برفق راجيا
.. أما أرجع من السفر نروح سوا
تسائلت عينا أخيه قبل لسانه
.. مسافر فين
رد زیاد ببساطة
.. فرنسا هبقا أحكيلك لما أرجع
.. على فكرة جاسر أداني عقد بيع منه ليك بشركتك يازیاد بس وصاني مجيبش سيرة إلا لما أحس أنك رسیت کده و عقلت والصراحة أنا كنت قلقان لا بنت الزهري ترجع تلف عليك تاني من بعد ما سابت أخوك
رفع زیاد حاجبيه دهشة
.. وهما اتطلقواطب والبيبي
هز أسامة رأسه نافيا فقال زیاد مستفهما
.. عشان كده جاسر سایب الشركة
هز أسامه کفه معارضا وقال بإستخفاف
.. مش أخوك اللي يزعل على الموضوع ده وكده أفضل ناقص بس يرجع المايه لمجاريها مع سالي
وصمت الاثنان إذ أدركا أن ذلك قد يكون سبب غياب أخيهما المفاجيء وعندها قال أسامة بإدراك
لمعت عينا زياد وهو يقول بإصرار
.. لكن لازم ترجع
هم زیاد بالرحيل وقال آمرا
.. خلي العقد معاك يا أسامة مش محتاجه دلوقت وتعالي المهم نروح لأخوك ونتطمن عليه
ثلاثة أيام مرت ثلاثة أيام من الصمت المفعم بحرارة براكين الڠضب المتفجرة داخله وشعور حارق بالخېانة يقتات منه وعودة لذكريات مقيتة أقسم على ډفنها بأعمق الأعماق سهيلة فضلت رجلا آخر فتخلص منها ومن قيود زيجة منتهاة ولكن سالي هي لم ترتكب جرما فادحا بالمعنى الحرفي إذ أنها لم تعد زوجته ولكن كيف تفضل سواه
.. قلقنا عليك أنا وأسامة
دعاه جاسر للجلوس قائلا بمكر
.. أنت ممكن لكن أكيد الباشا التاني ولا كان حاسس بحد
وضع أسامة سلمى المتشبثة بعنقه والټفت لأخيه الساخر وقال
.. قال يعني تفرق معاك
هز جاسر رأسه نافيا
.. لاء تفرق يا أسامةلمتنا أهم حاجة عندي
كان سليم يتابع حديث الكبار بأعين متسعة يحاول إدراك ما يجري حوله بسنوات عمره القليلة فجذبه زیاد بقوة وتعلق به وقال
.. أبوك ماله یا سليم أحكلنا أنت بقا
نظر سليم لأبيه الذي سارع بإشعال تبغه بأنامل متوترة قائلا بخشونة
.. خلي سليم بره یا زیاد
اعترض سليم بجين العند المتوراث بعروق آل سليم
.. بس هوا سألني أنا
نظر جاسر لصغيره نظرة تقدير بالغة وقال بإذعان
.. خلاص اتفضل يا سلیم جاوب
نظر سليم لزياد وقال بحروف لا تمت لعالم طفل بعمره بصلة
.. أظن أنه بابا قاعد قدام حضرتك تقدر تسأله بنفسك
اڼفجر الجميع ضاحكون حتى سلمى التي لم تكن تفقه الحديث الجاري من حولها فجذب زیاد رأس سلیم مشاكسا وقال
.. ابن الوز عوام خد أختك ورحوا طيب وسيبونا لوحدنا عشان أقدر أسأله براحتي
وكأن سليم بحاجة لذلك الأمر منه مد يده صامتا لأخته التي تعلقت بذراعها وسحبها نحو الخارج تارکین عالم الكبار المشحون بالأفكار والأقوال التي تخفي ما داخل الصدور وحديث قاد دفته وتمرکز فقط حول العمل ولا شيء سواه متجاهلا نظرات أخويه الفضولية بشأنه حتى قاطعه زیاد قائلا بحسم
.. مهما تحاول تهرب یا جاسر بالشغل وكأن مافيش حاجة حصلت هيفضل واقع أنك أنت وولادك قاعدين هنا لوحدكم من غير أمهم
وساد الصمت لفترة ليست بالهينة فلقد تعلم زیاد الصغير المواجهة وأساليب الطرق على الحديد وهو ساخن كما يقولون وتابع بإصرار
.. ولا أنا غلطان یا جاسر!
هز جاسر کتفیه یازدارء قائلا
متابعة القراءة