رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


مش حل 
لقد أيقن أن الهرب بحالته مأزق وليس مخرج لذلك غادر وابتعد أعاد ترتيب أولويات حياته والنظر بعين الإعتبار لنواقصه المعنوية أولا ثم المادية نجح بشكل كبير في التغلب على معظم مشاكله والبدء بصفحة جديدة بحياته قد يكون كلفه الكثير كلفه فراق لم يدري بعد كيفيه التعامل معه ولكنه ليس متعجلا كما كان في السابق بل هو متقبل لنزعات الفراق وعواقبه يشعر بداخله خلقا الإنسان جديد إنسان يسعى للتعلم من سوابق أخطاءه وما يقض مضجعه ذاك الهاجس الذي يؤنبه ليلا أن يكون بالفعل فقدها وحتى إن تغير فلن تعود له أمسك الهاتف وللمرة العشرون ربما بعد المائة منذ أن غادر الإسكندرية حاول الإتصال بها ولكن كالعادة لم يستطع إكمال الاتصال وأغلق الهاتف حتى قبل أن تتزايد الأرقام لسبعة وعاد للواقع على صوت صديقه الذي كان يناديه

.. زياد أنا نازل البلد أجيب اللي اتفقنا عليه تمام 
رفع كفه بهمة مودعا له
.. تمام متقلقش 
وتمتم بعدها بخفوت لنفسه
.. مش هترجع يا زیاد إلا لما تستحقها  
وصلت سالي لمكتب المحامي بمنتصف البلد في المعاد المقرر وتفاجئت بوجود نعمات في غرفة الاستقبال فأقبلت عليها الأخير بتحية حارة وهي ټحتضنها بشوق لها وللأطفال الذين ما انفك لسانها عن الدعاء لهم بصلاح الحال قاطعتهم مديرة مكتب المحامي قائلة
.. اتفضلوا حضراتكوا 
أصرت نعمات أن تتقدمها سالي أولا فدخلت غرفة المحامي المخضرم الواسعة وألقت عليه التحية بهدوء واستقبلهم هو بحفاوة ولطف بالغ ودعاهم للجلوس قائلا
.. طبعا أنتو مستغربين إيه لم الشامي على المغربي 
هزت سالي رأسها نافية وقالت مؤنبة
.. إزاي حضرتك إحنا عشرة مع بعض 
رغم أنها كانت لا تطيق تلك المرأة إلا أنها في الأيام الأخيرة أثبتت لها ولأطفالها إخلاصا منقطع النظير لم يظهره له زوجها الذي عاشت بكنفه لسنوات فربنت نعمات على يدها بتقدير وهي تقول
.. ربنا يعلم بغلاوتك عندي والله 
تنحنح مجدي حرجا وقال
.. حيث كده نبتدي مدام سوسن الله يرحمها كانت سايبه ليكم أظرف هديهالكم في نهاية الجلسة وليا أنا ظرفين بشأنكم هقراهم عليكم دلوقت ولو تحبوا كل واحدة تعرف محتوى ما يخصها لوحدها معنديش مانع 
نظرت كلتاهما لبعض بتعجب وقالت سالي
.. أنا معنديش مانع خير
وفي نفس اللحظة ردت نعمات بأن لا مانع لديها أيضا فوضع المحامي عويناته وشرع في قراءة الوصيتان اللتان تركتهما الراحلة بصوت هادىء وتعالى الذهول ملامحهما حتى انتهى مجدي من قراءة الوصيتان فأغروقت أعين نعمات بالدموع وهي تترحم على مرؤوستها بصوت مرتفع وأردفت بشفاة مرتجفة
.. بس ده كتير بيت ووديعه وأنا بس كنت هسيب شغلي أنا هفضل في خدمة ولادها لحد آخر يوم في عمري
هز المحامي رأسه وقال
.. أنت تستاهلي كل خير يا دادة نعمات أنا هعتبر دي موافقة منك وهبتدي بكرة بإذن الله في الإجراءات هيا شددت في الوصية أن البيت اشتريهولك في الحتة اللي تعجبك مهما بلغت تكفلته وجاسر بيه أصر أن الوصايا تتنفذ بحاذفيرها 
وضعت نعمات يدها على شفتيها المرتعشة فيما كانت سالی محدقة بذهول لم تتخطاه بعد وداخلها رغبة بالرفض تتصاعد أفصحت عنها بقوة
.. أنا مقدرش أقبل بالمبلغ ده مستحيل 
التفتت نعمات لها وكذلك أنظار المحامي الدهشة قائلا
.. ليه بس يا مدام سالي 
قامت سالي وهي لا تود تبرير رغبتها ليس لأنها لا تمتلك تبريرا هي تمتلك الآلآف ولكنه هو ونعمات لن يتفهما قط ولذلك آثرت الصمت وعدم الاعتراف بشيء قائلة
.. أرجوك دي رغبتي ومتشكرة جدا وآسفة إني ضيعت وقتك 
هتف المحامي بها قبل أن تنصرف مسرعة
.. مدام سالي 
التفتت له قائلة
.. أنا فيه حاجة أكيد لازم أمضي عليها عشان أخلي مسئوليتك صح!
هز مجدي رأسه بالإيجاب ولكنه نفى
.. ده صحيح لكن مش معناه إني أخدت موافقتك كموقف نهائي أنا هسيبلك فرصة أسبوع اتنين براحتك ومنتظر ردك بعد ما تكوني فكرتي 
هزت رأسها رافضة العرض جملة وتفصيلا قائلة
.. لو سمحت إديني الورق أوقعه دلوقت من غير ما أضيع وقتك أكتر من کده 
جلس الرجل إلى مقعده وهو يشير لها بالنفي
.. مش هيحصل واجبي ناحية موكلتي الله يرحمها إني أنفذ وصيتها وأمنحك الوقت الكافي للتفكيير 
قالت سالي بسأم
.. براحتك بس هتفضل مستني كتير لأن رفضي نهائي 
قال مجدي بلطف
.. طب إيه رأيك تبلغيني قرارك الجمعة الجاية قدامك وقت أهوه تعيدي النظر 
هزت رأسها بقبول تحت إلحاح من الرجل والذي انضمت له نعمات أيضا إذ قالت
.. متستعجليش يا مدام سالي ده حقك مش كفاية 
وتوقفت نعمات عن الحديث عندما لمحت طعنات الألم تغتال صفاء أعينها فابتسمت لها سالی رافضة تعاطفها قائلة
.. متشكرة ومبلغ حضرتك قراري النهائي اللي مش هيختلف کتیر لكن طالما أنت مصر عن إذنكم  
لو لم تكن سيدة الأعمال الأولى بالشرق الأوسط لكانت مزارعة الورود الأولى هكذا كانت تحدث نفسها وهي تنتقل بخفة فراشة من
 

تم نسخ الرابط