رواية يسرا الجزء الثاني
المحتويات
بفزع
.. ده مولع
ترجل والدها من سيارته بالمقابل قائلا
.. خير في إيه يا درية
تمسك طارق بزمام المبادرة قائلا
.. خير متقلقيش يادرية أنا هاخده معاكي للمستشفى وخلي الولاد يطلعو مع جدهم
الټفت لأبيها قائلا
.. ده بعد إذنك طبعا
دفع بها أبيها نحو سيارة طارق من جديد قائلا ليطمئنها
.. أنا هقعد معاهم لحد ماترجعوا وتطمنونا عليه
مرت الدقائق ثقيلة عليها بالرغم من تمكن طارق من حجز کشفا سریعا بواسطة نفوذه ورفع الطبيب رأسه إليها قائلا
.. ده فيروس منتشر في الجو متقلقيش يامدام أنا اديته خافض وفي خلال ربع ساعة الحرارة هتنزل عليكي بكمادات وخافض في البيت وراحة على الأقل اسبوع
.. بس ده كل ده ونايم ودي مش من عادته
طمأنها طارق
.. متنسيش أن اليوم كان طويل ومرهق والسخونية عليها عامل و برضة
هزت رأسها وهي تتجه لتحمله رافضة عرضه بحمله بدلا منها وخرجا سويا وانتظرته حتى يتمم إجراءات الانصراف وعزمت على شكره ورد أمواله إليه لاحقا ولكن ما لجم لسانها وذهب بلون وجهها وترك آثار شحوبه عليه واضحة ذاك المشهد خلف الأبواب الزجاجية لأسامة والقابعة بأحضانه والأخير يهمس بأذنها بكلمات لم تصل إليها ولا حتی کلمات طارق الذي كان يخاطبها فدقات قلبها المحتقن بألمه كانت الأعلى صوتا وعقلها يترجم الأحداث لمعادلة رياضية بسيطة كما اعتادت دوما فالعمليات الحسابية جزء لا يتجزأ من أحداث حياتها اليومية رجل لجوارها يشد من أزرها ويتلقف أطفالها بالعناية والرعاية والآخر أمامها يتلقف أخرى بأحضان حميمة فالتفتت له فجأة وقالت
دهشت ملامح وجهه وارتسمت ابتسامة سعيدة أعلاه وفتحت عينا أيهم الصغير أخيرا وقال متعجبا
.. موافقة على إيه يا ماما
ضحك له طارق بسعادته البالغة
.. بكرة تعرف يابطل
وانصرفا سويا تاركين ورائهم مشهد الوداع خاصة المتعانقين حتى تلك اللحظات المشحونة
هل يمكنك حقا أن تفقد ما لم يكن لك بالأساس
أفكار تدور بها منذ أن دلفت للمشفى صباح اليوم إثر ڼزيف حاد تعرضت له ووحش الخۏف يسيطر على أوصالها بفقدان جنينها الرابط الأوحد الذي يجمعها به وبخسرانه تكون قد خسرته ولكن مرة ثانية يتكرر السؤال البغيض بداخلها هل يمكنك حقا أن تفقد ما لم يكن لك بالأساس هي ليست بغبية متغافلة واقعيا قد تغافلت عن حقائق عدة ومضت في دربها بعزم للحصول عليه وبنهاية الدرب قد تصل إلى قلبه لا هي وصلت ولا عادت تدرك ملامح دربها وبالنهاية أضحت بفراشها وحيدة دون حتى جنينها وعبارات المواساة التي تتلقاها من صديقتها المقربة لم تكن سوی طعنات متكررة لقلبها المټألم لفقدانه فصړخت بها لتتوقف
شحب وجه الصديقة وظهرت ملامح الضيق والتوتر جليا على وجهها وفرت دمعة أخرى حبيسة مقلتيها وقالت هامسة
.. کلمتیه
هزت إنجي رأسها وقالت
.. من ساعة
مسحت داليا دمعتها الوحيدة وإن كان بالقلب الالاف ينوء بحملها وقالت معتذرة
.. روحي يا إنجي أنا تعبتك معايا
ربتت إنجي على كفها وهي ترحب بتلك الفرصة للتخلص من عبأ لا تطيقه وقالت
.. هتبقى كويسة
رفعت داليا رأسها وقالت
.. متقلقيش معدتش فيه حاجة ممكن أخسرها أعظم من اللي خسرته
بخطوات حانقة طرق الممر المؤدي لحجرتها بالمشفى رمادية عيناه أضحت سوداوية بدخان أنفاسه المشټعلة دفع بیده الباب وكاد أن يصطدم باللتي أوشكت على الرحيل وما أن رأت وجهه المكفهر حتى أضحى رحيلها الهادىء فرارا ملامحه لم تلن للشاحبة أمامه ولم ترق بل زعق بها
وعلى الرغم من شحوب وجهها إلا أن لمعة عيناها الۏحشية تولت الدفاع والھجوم في آن واحد
.. كان يهمك أووي
رد بكلمة باترة لشكوكها الهزيلة
.. صلبي
اهتزت نبرتها پبكاء مكتوم
.. مع أنه كان بيربطك بيا
اقترب منها بغضبه الأعمى
.. مافيش حاجة تقدر تربطني وأنت دلوقت مسئولة قدامي عنه الدكتور قال أنك أجهضتي بسبب المجهود الزيادة سفر وتنطيط ومارينا
صړخت به حانقة
.. أنت سيبتني أخرج
.. وأنت مش هتلوي دراعي
زعقته بها هزت بدنها حتى وضعت كفيها أعلى أذنيها وهي ترجوه
.. كفاية أرجوك كفاية أنت مش حاسس باللي فيا
أخذ نفسا عميقا ليهدأ قليلا وأشاح بوجهه بل وبجسده بعيدا عنها واتجه للنافذة المغلقة وسرح بأفكاره في الأفق الأزرق فوقه أعليه تقع مسئولية فقدانها لجنينهما أيضا! لا بل هي المسئولة بالكامل هي من عصته ومن ستدفع ثمن عصيانها همستها به قطعت حبل أفكاره
.. خلينا واقعیین یا جاسر أنت من الأول لا كنت عاوزني ولا عاوز طفل مني
الټفت لها وقال بعد فترة طويلة من الصمت المشتعل
.. جایز لكن حصل وحملتي وبالتالي بقا واقع وبقا ليا حق فيه وأنا مبضيعش حقي وحتتحاسبي على إهمالك
هزأت به
.. حساب الملكين
اشتعلت عيناه وقال مهددا
.. ويمكن أكتر
سقطت دمعة أخرى وبهمسة حاړقة
.. وحقي أنا فين
بدا وكأنه غافلا عما تقول فتابعت
..
متابعة القراءة