رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


مرة لكن مش خسارة في طيبة قلبك 
احمرت نواجذه وقال متجاهلا تعليقها لاذعا إياها بسؤال أشد سخرية
.. فجأة كده ومين عريس الغفلة
فرفعت حاجبها وقالت بنبرة تحمل ټهديدا
.. عقيد سابق في الجيش 
تراجع للخلف وقال بشبه إبتسامة مريرة
.. آآه ده اكيد من طرف الوالد بس ياترى إيه اللي غير رأيك 
نظرت للأفق خارج نافذته العريضة وقالت
.. کلنا لازم يجي علينا وقت ونتغير يا جاسر زي النخيل اللي بره دي لو مكنتش تتغير وتنحني للريح هتتكسر ومش هتقوملها قومة 
خرجت وتركت أنظاره معلقة لجذع النخلة الذي كان يتمايل مع رياح الربيع القوية على غير العادة الناس من حوله تتغير حتى الأقوياء منهم كدرية علي سبيل المثال وليس الحصر تغيرت أيضا ربما كانت القوة في القدرة على التغير والتكيف مع الجديد من الأمور فالتغير في نهاية الأمر ليس بهزيمة نكراء وخذلان عزيمة لربما كان العزيمة ذاتها فالصڤعات التي يتلقاها كبريائه على نحو دائم مؤخرا آلمته وهو يتمسك بكونه لن يتغير أبدا كنوع من الدفاع المضاد ولكن ذاك التمسك الأعمى كلفه الكثير كلفه زوجة مطيعة وبيت هادیء وحياة مستقرة ومؤخرا فقد جنينا لكأنما شعر أنه سيكون معذبا في الأرض كأخوته إن حمل کنیته ورغما عنه يشعر بمرارة خذلان ومسئولية تجاه تلك التي سعت إليه فبالنهاية عقد الزواج كان يحمل توقيع إسمه إلى جوارها نظر للأوراق أمامه وتعلقت نظراته التائهة بطلب درية للإستقالة فحملها بصمت وخرج من غرفته حاملا سترته أيضا وكنوع من التغيير الذي كان ينبذه لم يعلم إلى أين !

لربما كان في الماضي صاحب الخطوة الأولى حتى تولت هي زمام الأمور بحكم العادة ولكنه عاد ليصحح مسار حياتهما معا ويكون هو القائد دون و منازع ترجل من سيارته الحديثة أمام مقر شركتها وصعد حاملا زهور ابتاعها خصيصا لها سار بثقة آل سليم نحو المصعد حتى وصل إلى حيث مكتبها واقتحمه تحت أنظار مديرة أعمالها المنشغلة بمكالمة هاتفية أخرتها عن اللحاق به حتى توقف تماما في منتصف الغرفة تحت أنظار آشري المندهشة وحمرة الخجل تعلو وجنتيها رغما عنها لأول مرة منذ وقت بعيد والسبب ليس فقط معنيا بباقة الزهور الرقيقة التي كان يحملها ولا أيضا بهيئته المٹيرة ببذلته الكلاسيكية دون ربطة عنق ولكن نظرة عيناه الجريئة المعلقة بها وحدها كانت الدافع الأقوى شکرت آشري مديرة أعمالها بصوت أبح وتابعت بأنفاس متلاحقة
.. ویاتری لازمته إيه الورد 
فأجاب بصوته الواثق المرح
.. عيد الربيع 
ضحكت رغما عنها وقالت بعبس زائف
.. لسه زي ما أنت متغيرتش 
اقترب بقوة حتى أصبح على بعد سنتيمترات قليلة وقال بأنفاس ساخنة
.. فيه حاجات إستحالة تتغير فيا يا آشري واعترفي أنها من مميزاتي 
هزت رأسها بإذعان لطالما كان بارعا في فنون الغزل والتقرب من المرأة بشكل عام وحمقاء من ترفض غزل رجل جذاب مثله وأكثر حماقة من ترفض باقة زهور مدت يدها وتناولتها منه برفق ووضعتها برقة فوق سطح مكتبها وقالت بعيون لامعة
.. بس مش كفاية يا زياد 
اقترب مرة ثانية ولكن منحها مساحة أوسع قائلا برجاء
.. فعلا لأنه حتی ده قليل عليك بس أنت إديني فرصة أعوضك على اللي فات 
نظرت له والألم يعود ليقتات من فرحتها
.. مش هستحمل ۏجع تاني یا زیاد 
اقترب أكثر وبنبرة أكثر دفئا وحنانا قال
.. إستحالة الۏجع كله من نصيب قلبي وأنا بعيد عنك 
شعرت كأنما اختطف دقات من قلبها على حين غرة فهربت بعيناها من محاصرته فقال برجاء مرح
.. ممكن تيجي معايا 
رفعت له رأسها بأنفاس متهدجة
.. على فين 
ابتسم وهو يقول
.. يعني مجتيش حفلة الإفتتاح قلت أعملك حفلة على الضيق أنا وأنت نتغدی سوا وتشوفي المكان 
وكيف بإمكانها الرفض وعيناه تبتسم له وملامح وجهه تنطق بالفخر لكأنما طفل صغير أنجز واجبه على أكمل وجه خاېفة أكون بظلمك رسالة مكونة من ثلاث كلمات لم تحمل وعدا ولا ردا بنعم كما يحلم ولكنها رسمت إبتسامة واسعة على فمه ومضى بأنامل ثابتة يخط عبارته التي تحمل صدق قلبه ومشاعره الظلم بعينه أنك تبعديني عنك ولم تلقي رسالته سوی بمزيدا من الخۏف بداخلها فتنهدت بتعب حتى أتاها رنين الهاتف ليزيد من أرق مضجعها فردت بصوت مرتجف ولم يمنحها حتى فرصة إلقاء التحية عليه وقال
لا أنا جاي بكرة الساعة ثمانية ومعايا الحاج 
اعترضت
.. کریم أنت بتستعجل أوي 
رد قاطعا شكوكها
.. ما أنت بتهربي يا سالي خلينا نجرب سوا قوليلي إيه اللي هنخسره وبعدين دي مجرد خطوبة هوا أنا بقولك هجيب المأذون وآجي 
ظلت صامتة لوقت طويل حتى قالت
.. طب خليها آخر الأسبوع أكون حتى اتكلمت مع الولاد 
ابتسم بسعادة وقال بنبرة لا تخلو منها
.. هاتيهم بكرة النادي يا هربانة ونتعرف على بعض يكون أفضل 
ابتسمت رغما عنها وقالت
.. ماشي بس متكلمهومش في حاجة 
هز رأسه وقال مطمئنا
.. متقلقيش مش عاوزك
 

تم نسخ الرابط