رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


منجلكيش في حاجة وحشة آشري 
فهزت آشري رأسها بتحية وانصرفت نحو السيارة التي تقل سالي والأطفال مما جذب إنتباه جاسر الذي الټفت لأخيه الساكن الجواره وقال
.. هيا سالي أخدت الولاد 
هز أسامة رأسه وقال بعند
.. أيوة هيا طلبت مني أقولك بس ده أمر مفروغ منه مش مستحب يقعدوا في أجواء زي دي 
فانصاع جاسر بعقلانية للأمر وقال
.. کده أفضل فعلا
.. أنا آسفة 
اتسعت عيناها متعجبة واقتربت منها لتربت علي ذراعها وهي تتأمل رأسها المتدلي بذنب
.. آسفة علي إيه آشري 
تنهدت الأخرى الغارقة في بحر من الندم والضياع وما يسحب الهواء من صدرها بحق ذاك الشعور بالإثم

.. أنا اللي شجعتك على الخطوة دي لولا زني كان زمانك معاه 
وأردفت ساخرة وفي الواقع من حالها
.. كنت فاكرة أن الطلاق ده بيس أوف كيك 
لو لم يكن اليوم مأساويا بامتياز ولو لم تكن عاصرت مشاعر وأحاسيس طاحنة مزقتها وأعادت ترتيب أشلائها على نحو جديد وغريب عليها لأطلقت الضحكات المتعالية وسط جنوح الليل ولم تبالي لأعراف ولا لتقاليد اقتربت منها ورفعت رأسها لتواجهها ومزقت ذنبها الفاضل بعناق طاحن ووضعت على وجنتها وسط ذهول بقية معالم وجهها
.. بالعكس ده أنا اللي بشكرك حقيقي ومن كل قلبي أنت أنقذتيني من نفسي 
ولازالت الدهشة تقتات على أنفاس صدرها المتلاحقة
.. أنا ! أنا حاسة إني ضيعتك زيي 
لم تظن أنه قد يأتي اليوم وتتبدل فيه الأدوار ولكن اليوم أضحى أعظم معلم عرفته منذ سنوات اليوم حملت من كانت تحمل لها دوما الحقد والعداء إلي قپرها راضية داعية لها بالخير واليوم أيضا تقف أمام من دفعتها دوما لتدفعها هي بالمقابل
.. أنا مضعتش یا آشري بالعكس أنا لقيت نفسي اللي توهت عنها من زمان أنت اللي دلوقت محتاجة تفصلي بين حالتك وحالتي 
أومأت بالموافقة
.. فعلا زیاد مش جاسر بس أنت حملك أكبر مني ولادك .
ضحكة خاڤتة انفلتت منها ليست ساخرة بقدر ما كانت مريرة
.. هيبقالهم أخ أو أخت المدام حامل كان زماني قاعدة أسمع منها عن تعب الوحم وتقوليلي آسفة 
فاتسعت عينا آشري پذعر وهتفت بإنجليزية خالصة
he is an idiot 
التفتت سالي لتطالع وجوه أطفالها المتعبة التواقة وبشدة للخلود للفراش والنوم وقالت
.. معدتش تفرق أنا هروح إبقي طمنيني عليكي سلام
رفعت كفها لتودعها وقد اطمأن قلبها أنها لم تكن مذنبة بحقها أنها لم تدفعها دون قصد لتعيش تلك المرارة التي تذوقتها مؤخرا ولم تدري أنها كالعلقم لإختبار كسر أقوى ما يكون على ظهر المرأة وبالأخص عندما تفقد أبنائها فالكسر يكون مضاعفا  
ودعت درية آخر النسوة اللاتي كن يتسامرن حتى ظهور السائق الخاص بإبتسامة صفراء فيما كان رنين هاتفها يتصاعد إلحاح مزر فأخرجته من حقيبتها متأففة لتجيب بصوت جاهدت لتجعله لطيفا قدر الإمكان
.. أيوه يا بابا أنا خلصت نص ساعة وأكون في البيت 
رد والدها منفعلا
.. متتحرکیش من غير طارق هوا جايلك في السكة 
اشتعلت النيران في عروقها فأبيها أصبح يفرضه فرضا بين أدق خطوط حياتها اليومية وبالتالي أصبح الرسم الذي كانت تتعامل معه سابقا شاذا غير مألوف لعيناها
.. يا بابا مکنش له لزوم تتصل بيه تكلمه يجي 
فقال الأب مدافعا بمكر
.. یعني أسيبك تيجي لوحدك في أنصاص الليالي 
نظرت درية مرة ثانية لساعة معصمها وقالت وهي تجز على أسنانها الأمامية بغيظ
.. الساعة عشرة إلا ربع 
تنصل والدها سريعا من التبريرات التي لا طائل منها وقال
.. خلاص اللي حصل حصل وهوا جاي استنيه ميصحش الراجل ياخد المشوار على الفاضي 
وما أن أنهى إتصاله حتى رن هاتفها مرة أخرى فتمتمت درية بغيظ
.. طبعا ما أنت كمان لازم تديله نمرة تليفوني
خرجت درية للحديقة الواسعة ولمحت أضواء سيارته تشق عتمتها وفيما كانت تتجه نحوها سمعت إسمها يتردد خلفها فالتفتت له ولاحظت إقترابه العابس نحوها قائلا
.. أنا كلفت عم عيد السواق يوصلك أنت ومدام هدی 
ولكن بدلا من أن تتعالی موجاتها الصوتية الرقيقة بإعتذار تصاعدت نغمة صوته الخشنة بتحية المساء مقاطعا
.. مساء الخير يا درية 
التفتت أسامة ليطالع الرجل الفارع الطول والمرتسمة على وجهه إبتسامة مضيئة خصها فقط لدرية بشيء من الحيرة ردت درية تحية المساء بخفوت قائلة لأسامة
.. مافيش داعي سيادة العقيد هيوصلني متشكرة 
وعند ذكره مد يده مصافحا أسامة معرفا بنفسه
.. عقيد طارق الأسمر خطيب مدام درية 
وعندما لمح الذعر المرتسم بعيناها قال مصححا
.. أقصد بإعتبار ما سيكون 
تقبل أسامة مصافحته بإقتضاب وعيناه لا تفارق درية التي هربت بأنظارها بعيدا وداخلها فعليا تخطى مرحلة الغليان وسارت إلى جوار طارق بعدما تمتمت بوداع وشبه کلمات تقبلها أسامة شاكرا لجهدها في تلك الليلة العصيبة وظلت طيلة الطريق صامتة فقط لأنها تدرك جيدا أن الكلمات ستكلفها إڼفجارا مأساوي النتائج حتى وصلا للشارع الذي تقطنه وتوقف بسيارته أمام العقار الذي تسكنه فتمتمت بتحية لتنصرف ولكنه أستوقفها قائلا بنبرة
 

تم نسخ الرابط