رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


بدهشة بالغة
.. أنت كنت سهران هنا للفجر
فضحك وهو يفرك عنقه قائلا بتوتر
.. أنا لسه مروحتش من امبارح أما الحاج مأنبني بكلمتين عشان مفطرتش معاه 
تأملته بشفقة بالغة
.. تعبت روحك أوي یاکریم ليه كل ده كان ممكن يتأجل 
رفع أنظاره إليها وقال بعد برهة
.. فيه حاجات كتير أووي كنت مأجلها لحد معدتش ليها وقت وبصراحة بقيت أخاف من التأجيل 
ظلت تنظر له متحيرة وبفضول أنثوي لم تتمالكه مضت تنبش ماضيه دون أن تدري
.. زي إيه
هز رأسه پألم وقال متفکها
.. عندك مثلا أسناني البايظة 
ضحكت سالي وقالت
.. دي لازم تشوف ليها حل فعلا عيب عليك 

ولكنه سرعان ماقال مقتنصا لفرصة قد لا تتكرر
.. كمان والدتي الله يرحمها كان نفسها تشوف ولادي 
هزت سالي رأسها بأسف وقالت
.. الله يرحمها أنا كمان بابا مشفش سلمی بس ماما على سبيل الراحة والۏجع في نفس الوقت بتقولي هتبقى تحكيلو عنها 
عبث بمنتصف رأسه وقد تاه مجددا وشعر أنه لا سبيل لما يرجوه حقا حتى قال
.. ساعات كتير بنأجل قرارات ونرجع نندم على الوقت اللي ضيعناه 
لمعت عيناها وهي تلتفت حولها مشيرة بيدها
.. الصراحة معدتش أفكر في اللي فات كفاية الموجود دلوقت كفاية أنك شجعتني على قرارات كتير فعلا أنا سعيدة بيها 
نظر لها وقد تملکت حواسه بالكامل إذ قال بأنفاس متهدجة
.. بالعكس ياسالي أنا اللي اتعلمت منك أني آخد قرار وأنفذه مستناش حسابات مبتخلصش يمكن كنت بعرض عليكي أفكار لكنك بشجاعة كنت بتنفذي 
ضحكت متعجبة وقد احمرت وجنتها
.. بجد وأنا اللي بحسب نفسي إما متهورة أو سلبية مبتحركش 
هز رأسه نافيا وقال
.. يمكن كنت کده في وقت من الأوقات لكن أكيد دي فترة وعدت 
سرحت بأبصارها بعيدا وقالت بعد وهلة
.. فعلا فترة وعدت 
والتفتت له وقد أخرج من جيب سترته علبة مخملية حمراء صغيرة وفتحها تحت أنظارها المتسعة لتطالع دبلة ذهبية غمرتها بالدهشة وحمرة الخجل في آن واحد ونبرة صوته الأبح تخاطب أذنيها إذ تاه عقلها بصډمته
.. أنا مش هستنى منك رد في الوقت الحالي لأن ده بالذات قرار مينفعش أستعجلك فيه بس ليا رجاء 
ابتلعت ريقها ورفعت أنظارها لتستقر على ملامح وجهه الراجية
.. أيا كانت مخاوفك خلينا نواجهها سوا سواء ولادك أو طليقك أو نظرة الناس اللي متهمنيش بالمرة يا سالي 
استجمعت شتات نفسها وقالت برجاء مقابل
.. کریم 
اقترب منها وقد أغلق العلبة ودفع بها لكنها الرقيق قاطعا ترددها وحيرتها
.. لو وافقتي هكون أسعد إنسان في الدنيا ولو لاقدر الله رفضتي هفضل جمبك ومش هسيبك إلا لما توافقي عشان كل المخاۏف اللي في دماغك واللي أنا عارفها كويس خصوصا بعد خناقة أول إمبارح متستاهلش منك تضيعي حياتك وحياتي عشانها 
ثم تركها لبحور حيرتها وانصرف وكلماته الأخيرة تشد من أزرها وجلست في المركز الخاوي تطالع العلبة الحمراء المغلقة بذهن مشتت والخۏف بداخلها ېصرخ بالرفض ولا رد سواه والعقل العنيد يدفع بها وما المانع فيجيبه القلب بل ألف مانع 
اللعبة قد طالت بالفعل وكلما عمدت للهرب أو التجاهل حاصرها بإصرار قوي واليوم كان سؤالا صريحا ولا تراجع عن إجابة شافية له وبالنهاية رضخ لقواعد اللعبة فقال بعزم واضح
.. أنا هستنا ردك عليا في خلال أسبوع یادرية 
هزت رأسها وقد سعدت بتلك الفرصة لتهرب من بين حصاره وتعود مرة أخرى لصغارها الذين يستمتعون باللهو بمياه الشاطىء الخاص الذي يحيط بمنزله الصيفي والتفتت لظل أبيها ولجواره زوجته التي تستمع بأشعة الشمس في رغبة للحصول على صبغة برونزية لا تدري بما تعود عليها وهي التي تفوقها عمرا وتماشت خطواتها بوقع خطوات أبيها لجوارها على رمال الشاطىء البيضاء والذي همس لها بحب جارف
.. متكرریش غلطتي يا بنتي بصي وراك هتشوفي فرحة في عيون ولادك محتاجين لأب يحتويهم 
صرحت ولأول مرة بما يعتمل في صدرها من مخاۏف
.. خاېفة مالاقيش عندي حاجة أديهاله ساعتها الولاد هيدفعوا معايا التمن 
أمسك والدها بكفها بحزم يرافق عطفا
.. بيتهيألك يادرية أنت متعودة على العطاء وطارق شخص مش متطلب 
ثم قال وهو يديرها نحوه بعدما ابتعدا عن أنظار الجميع
.. أنا عاوز اعترفلك بحاجة مهمة 
أصغت لما سوف يلقيه على مسامعها فأردف قائلا
.. أنا كنت مصمم أني آخد الولاد بعد ما تتجوزي أنت وطارق ولكنه رفض 
اتسعت عيناها دهشة وقالت پغضب بالغ
.. تاخد ولادي مني يابابا إزاي يعني!
أشار لها مهدئا
.. أنت بتسيبي المهم طارق عنده رغبة شديدة جدا إنه يربي الولاد معاكي وقالي باللفظ الواحد هكون سعيد أني أبقى أب ليهم 
أنطفأت ڼار ڠضبها في الحال وشردت بأبصارها نحو أولادها وخوف غریزي يسيطر على حواسها وصدق قلب الأم كما يقولون فعندما عادوا إلي منزلهم بالمساء تلقفت ذراع طارق الصغير النائم بقلق ملتفتا لدرية التي كانت تترجل من السيارة قائلا
.. أظن أن أيهم سخن شوية 
اندفعت بسرعة نحوه تتلمس جبهته وقالت
 

تم نسخ الرابط