رواية يسرا الجزء الثاني

موقع أيام نيوز


له کریم وقال
.. مش بالظبط إضراب لكني كنت شايف أنه مشروع العمر ولازم الواحد يتمهل فيه 
وعندها منح معتصم سالي نظرة ماكرة وقال متساءلا
.. وميهمكش في نفس الوقت ظروف سالي الإجتماعية إيه اعذرني لكن سالي زي أختي بالظبط وأحب إني اتطمن عليها رمقته مجيدة بنظرة مشټعلة 
ابتسم کریم وتولي الحاج مصطفی الرد بالنيابة عنه ضاحكا
.. نفس ظروفي أنا والحاجة الله يرحمها كانت أول نصيبي وكان سبقلها الزواج والحمد لله مانجحتش عيشت معاها أسعد أيام حياتي واللي مصبرني على فراقها كريم ابني حته منها 
وتابع کریم وعيناه مرتكزة على الصامتة والتائهة في بحورها الخاصة

.. أظن يا أستاذ معتصم من الناحية دي بالذات لازم تكون متطمن وبعدين أنا برتبط بإنسانه مش کشف هيئة ولا خانة في بطاقة 
قالت سیرین بلطف
.. ماشاء الله يا دكتور ياريت كل الناس بعقلية متفتحة زي حضرتك  
فتح الباب قليلا ليطالع صغاره النيام في تلك الساعة المتأخرة من الليل ولكن ما اجتذب أنظاره فراش سليم الخاوي فقفز قلبه هلعا واتجه للفراش ليقطع الشك باليقين يقين أخبره أنه ابنه ليس بفراشه ولكن أين عساه أن يكون خرج من الغرفة بهدوء على قدر المستطاع وسرعان ما هدأت دقات قلبه الملتاعة إذ لمح ضوءا يتسلل من خلف الباب الموصد لحجرة والدته رحمها الله فاتجه نحوها وفتح الباب بقوة ليجد ابنه منزوي بركنها الأقصى يبكي في صمت فهتف بقلب يرتجف وقدماه تستبق الرقعات الرخامية لتصل إليه وجثا على ركبتيه وتلقفه بأحضانه
.. مالك ياسليم 
سايب أوضتك وقاعد هنا ليه وبتعيط فأبعده الصغير بقوة وانزوى بأحضان جسده الضئيل بعيدا عنه وهو يقول بخشونة تناسب غضبه الطفولي
.. أنا كويس ومش بيعيط الراجل مش بيعيط 
وما تعريف الهزيمة أهي بكاء الرجال أم عجز أب إحتواء صغيره والتقرب منه تنهد جاسر متعبا ودعك خلايا وجهه المتغضنة وقال راجيا
.. طب قولي مالك يمكن أقدر أساعدك!
ونظرة الصغير المشبعة بالإتهام الصريح والقسۏة المتعاظمة بأضلعه حرقته قبل أن تشعل كلماته المزيد من النيران في صدره
.. ماما هتتجوز ومش هترجع زي ما كنت بتقولنا
هل أهتزت الأرض من تحته أم أنه فقد إتزانه فقط بوقع تلك الكلمات التي أشعلت الرماد بعيناه فصارت حريقا لا يمكن السيطرة عليه رغم نبرة صوته الجامدة
.. أنت جيبت الكلام ده منين
قام الصغير وأشرف على جسد والده الضخم قائلا بثقة من يلقي الذنب عن عاتقه ويحمله له کاملا
.. قالتلنا النهاردة أنها هتتجوز عمو کریم 
قام جاسد بفوران مشاعره الفياضة وقال على أمل أن ينفي الصغير شكوكه ويمحو مخاوفه
.. مین عمو کریم 
سار سليم للخارج وكأنه لم يستمع له واستدار قبل أن يغيب عن ناظریه
.. الدكتور صاحب المركز اللي بتشتغل فيه 
وتسارعت الصور أمام عيناه والمصدر ذاكرته القريبة واللعڼة على كل شيء خرج من غرفة والدته واتجه بسرعة البرق نحو مكتبه فتح شاشة الحاسوب ومضى يدق بسرعة على أزرار البحث عن مركز الأسنان بالعنوان الذي يحفظه عن ظهر قلب حتى ظهر له نتيجة بحثه مركز الدكتور كريم مصطفی لعلاج الأسنان وإلى جواره صورة باسمة لذلك الأرعن الذي جرؤ على إقتحام رقعة ممتلكاته والاقتران بأم أطفاله والويل كل الويل لها والهلاك كل الهلاك لكل قطعة زجاجية أو خشبية صادفت لحظها التعس خروجه كالإعصار من غرفة مكتبه وصولا لغرفته غير عابئا بأنه قد أوقظ نصف ساكني القصر وصڤعة الحياة غاية في القوة عندما تخبرك أنه بالفعل قد فات الأوان ولكنه لعناده يتشبث دوما بالنفي الأعمى.
النوم قد يكون راحة لكل مبتلي پألم جسدي ولكن للمبتلي بالآم النفس لا يجد فيه راحة والخۏف أحد تلك الآلام التي قضت مضجعها في ساعات الفجر الأولى عندما سمعت صوت ټحطم قوي لعدة أشياء لاتدرك کینونتها وخطواتها المرتجفة خارج غرفتها أكدت لها مرور إعصار أو زلزال بالقصر أو على وجه التحديد أحد أركانه التي كانت تصل مابين غرفتي السيد عادت لفراشها وبصعوبة استطاعت الحصول على قسط هاديء من النوم مالبث أن قطع لدى سماعها لټحطم قطعة فخارية على مايبدو بالحديقة التي تطل عليها نافذة غرفتها الوحيدة فقامت لتطالع سیدها وهو يسير هائما ينفث دخان تبغه المحترق بأنفاس غاضبة وأقدام مشعثة الخطى خرجت من غرفتها بعد أن توضأت وأدت فريضة الصباح وفي طريقها للمطبخ لاحظت جلوسه الشارد في حجرة المعيشة الواسعة فاقتربت نحوه بحسم وهي تذكر نفسها بأنها ليست مخطئة بشيء ليطال الخۏف همتها قائلة بصوت ودود وهي تطالع عشرات من أعقاب السچائر المدماة في المرمدة الكريستالية جواره
.. صباح الخير يا جاسر بيه أحضر لحضرتك الفطار 
لم يتجه بأنظاره إليها وتجاهل أيضا سؤالها الودود رفع سماعة الهاتف الأنيقة ومدها نحوها بغطرسته الفائقة قائلا بصوت ثابت لا يحتمل الرد أو النقاش
.. کلمي سالي قوليلها أنه سليم كان سایب سريره وقاعد يعيط بالليل في أوضة جدته الله يرحمها وشكله زعلان من
 

تم نسخ الرابط